الملائكة واليوم الآخر وما في الجنة والنار من أنواع النعيم والعذاب. وبطل قولهم في الحد.
الخامس: أن التصورة المفردة تمنع أن تكون مطلوبة؛ فيمتنع أن يعلم بالحد لأن الذهن إن كان شاعرا بها أمتنع الطلب، لأن تحصيل الحاصل ممتنع، وإن لم يكن شاعرًا بها أمتنع من النفس طلب مالا تشعر به فإن الطلب والقصد مسبوق بالشعور: فإن قيل: فالإنسان يطلب تصور الملك والجن والروح وأشياء كثيرة، وهو لا يشعر بها، قيل: قد سمع هذه الأسماء، فهو يطب مسماها، كما يطلب من سمع ألفاظا لا يفهم معانيها تصور معانيها. وهو إذا تصور مسمى هذه الأسماء فلا بد أن يعلم أنها مسماة بهذا الاسم إذ لو تصور حقيقة، ولم يكن ذلك الاسم فيها لم يكن تصور مطلوبة، فهنا المتصور ذات وأنها مسماة بكذا، وهذا ليس تصورًا بالمعنى فقط بل للمعنى ولاسمه. وهذا لا ريب أنه يكون مطلوبا.
ولكن لا يوجب أن يكون المعنى المفرد مطلوبًا، وأيضا فإن المطلوب هنا لا يحصل بمجرد الحد، بل لا بد من تعريف المحدود بل الإشارة إليه أو غير ذلك، مما لا يكتفي فيه بمجرد اللفظ. وإذا ثبت امتناع الطلب للتصورات المفردة، فأما أن تكون حاصلة للإنسان، فلا تحصل بالحد، فلا يفيد الحد التصور. وإما أن ى تكون حاصلة، فمجرد الحد لا يوجب تصور المسميات لمن لا يعرفها، ومتى كان له شعور بها لم يحتج إلى الحد في ذلك الشعور إلا من جنس ما يحتاج إلى الاسم. المقصود هو التسوية بين فائدة الحد وفائدة الاسم.
2 / 24