La Esencia de la Humanidad: Una Búsqueda Interminable y un Movimiento Incesante
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
Géneros
دعوني أنه هذا السرد القصير لسعي الإنسان وغزوه من حيث بدأت؛ بالحديث عن غريزة الهجرة لدى الإنسان، وستكفي أربعة أمثلة يوضح كل منها حركة مجموعة مترابطة من البشر في العصور الحديثة.
إن الغجر، الذين يوجد انطباع خاطئ بأنهم جاءوا من مصر، نشئوا فعليا في شمال الهند. ولغتهم الرومانية، التي سميت بهذا الاسم أيضا بسبب إقامتهم لفترة طويلة في رومانيا، مشتقة من اللغة السنسكريتية؛ ومن ثم تقع ضمن مجموعة اللغات الهندوأوروبية. إنهم في الأصل رحالة وتحركوا تدريجيا نحو الغرب إلى أوروبا وشمال أفريقيا، حتى إن بعضهم وصلوا إلى أمريكا الشمالية والجنوبية. بدأ تجولهم على الأرجح كمتتبعين لمعسكرات الجيوش الهندية؛ فربما كانت الحرف التي ما زالوا يمارسونها حتى يومنا هذا، مثل تجارة الخيول وصنع الأدوات المعدنية ونسج السلال ونحت الأخشاب، مفيدة للجيش في أثناء تحركه. هناك أيضا الموسيقى التي يعزفونها. لتأثرهم برقص الموريش، الذي كان مشتقا في حد ذاته من شمال الهند، أنشأ الغجر الذين عاشوا في إسبانيا في القرن الخامس عشر أسلوبا حزينا لكنه جريء، أصبح معروفا باسم الفلامنكو (بمعنى فلمنكي، تسمية أخرى مغلوطة). كان لديهم سبب للحزن؛ فكانوا يتعرضون دوما، مع المورسكيين، للاضطهاد على يد «حاكميهم الأكثر التزاما بالكاثوليكية»، فرديناند الثاني وإيزابيلا الأولى ملوك إسبانيا. كان الاضطهاد عاملا مميزا في رحلات الغجر على مدى معظم تاريخهم؛ فقد تمكن النازيون من إبادة نصف مليون منهم بين عامي 1933 و1945، ومنذ ذلك الحين وهم مطاردون في دول مثل رومانيا، أولا من الرئيس تشاوشيسكو ثم من خلفائه. ومع ذلك فقد حافظوا على هويتهم؛ فلم يقلل تفرقهم عبر القارات من قيم الأخوة لديهم. ومثل المجموعات الأخرى التي سأتحدث عنها، كانوا لا يسعون إلا إلى السماح لهم باتباع أساليبهم التقليدية.
في القرن السابع عشر قررت مجموعة من المزارعين الهولنديين الهجرة إلى جنوب أفريقيا من أجل الهروب من الاضطهاد الديني الذي تعرضوا إليه في موطنهم؛ فكانوا يؤمنون بعقيدة إصلاحية بشدة وبروتستانتية سميت على اسم جون كالفن، رجل الدين الفرنسي الذي أسس الحركة الإنجيلية المشيخية في جنيف في منتصف القرن الماضي. استقر البويريون، كما أصبح يطلق عليهم (الكلمة الهولندية التي تعني مزارعين)، على الساحل الشرقي لما يعرف حاليا بجنوب أفريقيا في عام 1652. لحق بهم في وقت لاحق أنصار كالفن من ألمانيا وفرنسا، رغم أن لغتهم - الأفريكانس - ظلت هولندية في الأصل. في البداية تزوج البويريون داخليا من الكويكوي (الهوتنتوت)، الذين أجبروهم فيما بعد على ترك أراضيهم واستخدموهم فقط كعمال. في ثلاثينيات القرن التاسع عشر انطلقت مجموعة من الأفارقة من أصل أوروبي، كما أصبح يطلق على البويريين، في هجرة أخرى شمالا إلى الداخل، وكان هدفهم الهروب من تدخل البريطانيين الذين أقاموا مستعمرة في المنطقة نفسها ، التي عرفت في هذا الوقت بمستعمرة كيب، في عام 1806. في أثناء هذه «الرحلة الكبرى» لم يترددوا في ذبح أي سكان أصليين في طريقهم؛ ففقد 3 آلاف فرد من قبائل الزولو حياتهم في «معركة نهر الدم». وصل المهاجرون إلى ترانسفال؛ حيث أقيمت العاصمة بريتوريا في النهاية على يد مارتينوس بريتوريوس. انتصروا في بعض المعارك ضد البريطانيين، لكنهم خسروا معارك أخرى، أشهرها حرب البوير الثانية في عام 1902. استمرت كراهية الأفارقة من أصل أوروبي لأصحاب الأصول الأخرى الذين يعيشون في محيطهم. وفي قمة كراهيتهم للأجانب، عقب انتخاب الحزب الوطني اليميني في عام 1948، مارس هؤلاء الأفارقة من أصل أوروبي التمييز ضد كافة غير البيض بحماس ديني حقيقي. ومع ذلك يظل معظم الأفارقة من أصل أوروبي حتى يومنا هذا مسيحيين مخلصين. فمع تحولهم من مضطهدين إلى مضطهدين،
38
ما زالوا يحتفظون ببعض الروابط والقيم التي وحدتهم على مدار 350 عاما.
في عام 1830 أسس جوزيف سميث كنيسة يسوع المسيح لقديسي اليوم الآخر في نيويورك. استلهم سميث الفكرة من وحي إلهي، وادعى أنه عثر على كتاب مورمون المفقود، الذي يصف هجرة مجموعة من اليهود إلى أمريكا الشمالية قبل نحو 600 سنة من مولد المسيح، ويعتبر أتباعه، المورمون، أنفسهم ورثة هذه المجموعة من الناس. كان سميث أيضا يعظ بتعدد الزوجات بوصفه أسلوبا للحياة.
39
وفي عام 1847 قرر خليفته، بريجهام يونج،
40
بوصفه زعيما نقل قاعدتهم غربا بحثا عن صهيون الخاص بهم. تبعه 5 آلاف مورموني في رحلة عبر مئات الأميال لمنطقة لم تكتشف إلى حد كبير. عندما وصلت الرحلة الاستكشافية إلى بحيرة مالحة كبيرة فيما يعرف حاليا بيوتا، علم يونج أنه عثر على الوطن الروحي للمورمون، فبنى كنيسة عظيمة ظلت مكان عبادتهم المركزي. والمورمون طائفة ملتزمة تنتشر حاليا في معظم أنحاء القارة الأمريكية وأبعد منها؛ فيقال إن الكنيسة الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها بها أكثر من 5 ملايين فرد، وثمة عدد مماثل في الخارج. وهم يمارسون ما يعظون به (فلا يوجد لديهم رجال دين)؛ فهم يساعدون بعضهم، ويتبرعون بجزء من دخلهم إلى الكنيسة (بنسبة مرتفعة تصل إلى 15٪)، كما يقومون بأعمال تبشيرية. ظهرت كثير من الحركات الأخرى في الولايات المتحدة الأمريكية، وأحد الأمثلة عليها كنيسة المسيح العالم، التي أسستها ماري بيكر إيدي في بوسطن في عام 1879؛ فيوفر مناخها المتقبل للأفكار المبتكرة مكانا خصبا لازدهار الطوائف الدينية.
Página desconocida