فذلك من رب تليدي وطارفي
ومنه قول الآخر: -
وكنت امرأ أفضت إليك ربابتي
وقبلك ربتني فضعت ربوب
ويطلق على المالك، واستشهد له بقصة صفوان بن أمية مع أبي سفيان صخر بن حرب عندما نمى إلى أهل مكة بعد فتحها أن المسلمين هزموا في حربهم مع هوازن وكان أبو سفيان لا تزال الجاهلية مترسبة في نفسه، وكان صفوان لا يزال على شركه فسر أبو سفيان بما سمع ، وأخذت الحمية القرشية صفوان فغضب عليه وقال له " في فيك الكثكث لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن " يعني لأن يملكني رجل من قريش - يقصد به رسول الله صلى الله عليه وسلم - أحب إلى من أن يملكني رجل من هوازن، ويطلق الرب على السيد والمصلح والمدبر، وهذه المعاني قريب بعضها من بعض، والله تعالى يربي عباده بالآلاء الظاهرة والباطنة التي يسبغها عليهم وهو مالك أمرهم ومدبره، وجابر كسرهم، ومصلح شأنهم.
" العالمين " جمع عالم وفي العالم خلاف! هل هو مأخوذ من العلم أو العلامة؟
فعلى الأول يطلق على ما من شأنه العلم، فيقال عالم البشر وعالم الملائكة وعالم الجن وعالم الشياطين، وعلى الثاني يطلق على كل ما كان علامة على وجود الله سبحانه فيشمل الكائنات كلها، فإن كل ذرة في الوجود هي حجة قاطعة على وجوده سبحانه، ودليل ساطع على صفاته اللائقة بجلاله، ومن ثم يقول الإمام ابن أبي نبهان رحمهما الله: " إن كل ذرة في الوجود هي كلمة من كلمات الله سبحانه، دالة على معرفته، ناطقة بتوحيده، وما عداها فهو كالشرح لتلك الكلمة " ونظرا إلى الاختلاف في اشتقاقه كلمة " العالم " وما توحيه القرائن اختلف المفسرون في المراد بالعالمين هنا، فقيل يراد به السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما رواه ابن جرير عن حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما وروى عنه أن المراد بالعالمين الإنس والجن وهو محكي عن سعيد بن جبير ومجاهد واستدل له بقوله تعالى
تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا
[الفرقان: 1] وقال الفراء وأبو عبيدة: يراد به العقلاء وهم أربعة أمم الإنس والجن والملائكة والشياطين، ونسبه صاحب المنار إلى الإمام جعفر الصادق، وأصح هذه الأقوال القول الأول لأن أحسن ما فسر به القرآن القرآن نفسه، والله تعالى يقول:
قال فرعون وما رب العالمين، قال رب السماوات والأرض وما بينهمآ..
Página desconocida