والجواب والله الموفق: إنما حكمنا بالتحريم بعد اليقين حيث قال السائل: إنه قد علم فيهما التظالم على سبيل الجملة، فقوله بعد ذلك: والشك لا يدفع اليقين ولا الظن أيضا مناقضة محضة؛ لأنه لم يقل فيما تقدم أنه قد حصل الشك، أو الظن في حصول التظالم فيهما بل قال: وإنما علمنا حصول التظالم في بعضها دون بعض لكنه التبس علينا الحلال بالحرام، فنحن نشك في شيء معين يصير إلى أيدينا أو نظن أنه حرام، وأصل الأشياء الإباحة.
قلت وبالله التوفيق: قد علم التباس الحلال بالحرام، فكان المعارض للأصل هو العلم لا الشك ولا الظن، فالشك أو الظن في تحريم الذي صار في أيديكم منها ليس بطارئ من حيث أنه قد علم أن الذي يضربه الظالمون بعضه حرام من أول دخوله في أيديهم، وبعضه حلال جريا على ما ذكرت في هذا الاعتراض، فكيف يكون طارئا ولما لم يكن طارئا لم يكن من الحل على يقين! سلمنا كون الشك أو الظن في ذلك طارئا على سبيل التنزل لكن لا نسلم أنه لا يدفع اليقين فيما يتغير حاله خاصة إذا تواردا على محل واحد كهذه الصورة؛ لأن ذلك واقع ضرورة.
Página 98