147

Jamic Wajiz

الجامع الوجيز في وفيات العلماء أولي التبريز - للجنداري

Géneros

Fiqh chií

وهو من أمنع الحصون ونزل صاحبه وهو أرناط صاحب صيدا وكان ذا دها ومكر ودخل وأظهر له الطاعة والمودة وأنه مسلم غير أن أولادي وأهلي عند السلطان فدعا حتى استخرجهم وأسلم الحصن ويكون في خدمتك فصدقه وعد في جمادى الآخرة وأقام السلطان صلاح لينظر وهو خائف من صاحب إنطاكية أن يدخل بلاد الإسلام وأرسل أخاه مقابله وهم آخر بلغة اجتماع الفرنج بمدينة سور في عدد لا يحصى وصاحب الحصن شيرزي الأقوال وصلاح محسن به الظن، فلما قربت المدة طالبه بالخروج فاعتذر فعلم مكره فأخذه وحبسه وأمره بالتسليم فامتنعوا فسيره إلى دمشق وحاصر الحصن وطبق عليه تموردت كتب أن الفرنج سيعبرون الجسر بمحاصرة صيدا فوصل في شعبان أصحابه وقد قالوا فقتلهم رتبة صلاح في مضيق فقاتلوهم قتالا شديدا وأسروا من الفرنج جماعة، وقتلوا جماعة وقتل من المسلمين كذلك فلم تقدر الفرنج على وصول صيدا، فعادوا مكانهم ولما وصل صلاح بعد الوقعة أقام ينتظر عود الفرنج ليأخذ بثأر من قتلوه فسار في بعض الأيام ينظر إليهم من الجبل وظن الناس أنه قاصد للحرب، وصاروا مجدين وابتعدوا وقاربوا فأرسل من يردهم ولم يقبلوا فحملت عليهم الفرنج وقتلوا منهم جماعة فشق ذلك على المسلمين وأكثرهم فضلا مطوعة من بلادن شتى، وذلك في تاسع جمادى الأولى ثم حمل عليهم صلاح ومن معه فألقوهم إلى الجسر ومنعوا الطرق وألقوا أنفسهم في الماء فغرق منهم نحو مائة دارع غير من قتل وعزم السلطان صلاح على مصابرتهم ومحاصرتهم فتسامع المسلمون وقصدوه من كل أوب واجتمع له خلق كثير، فلما راء الفرنج ذلك رجعوا السور ثم عاد صلاح إلى عطا ينظر حالها ثم عاد إلى المخيم فلقاه الفرنج يخرجون للاحتطاب إلى من بعثهم من العسكر وأوجدهم يوم الإثنين ثامن جمادى ورتب كمنا في الأودية وأختار جماعة للقاهم وقال إذا أحملوا عليهم ينكسروا إلى أقرب الكمين فلما التقت الفئتان أنفوا من إظهار الهزيمة فاقتتلوا واشتد القتال وعظم الأمر وطال على الكمين الإنتظار ولحقوا بهم وكان جماعة سلكوا واديا غلطا فتبعتهم الفرنج فأهلكتهم ثم أن الفرنج ما زال يخرج منهم من البحر خوارج إلى سور وكانوا كلما تسلم منهم صلاح مدينة أمنهم فيسيرون إلى صور فاجتمع فيها ما لا يعد ولا يحصى، ومن الأموال كذلك وأرسلوا القسيسين والرهبان وألبسوهم السواد حزنا على بيت المقدس وصور والمسيح -عليه السلام- وصورا أو صورة رجل عربي يضربه وقالوا : لأطفالهم وطغاتهم هذا محمد نبي المسلمين يضرب المسيح وهذه الدماء على المسيح فعظم على الفرنج حتى خرجت النساء على الخيل ومن لم يستطع الخروج استأجر فاجتمع من الرجال والأموال ما لا يدخل تحت حصر وكانت النساء تبيع البيت وترسل ثمنه لاستنقاذ بيت المقدس فخرجوا على الصعب والذلول برا وبحرا ولولا لطف الله بإهلاك ملك الألمان كما سيأتي لهلكت بلاد الإسلام خصوصا الشام ومصر فاجتمعوا بصور يموجون في الجبال والبعض يمدهم كل وقت وضاقت بهم صور فاتفوا على قصد عكا، وفيها رتبة السلطان صلاح الدين وأهلها فصاروا إليها ولزموا البحر في مسيرهم ومراكبهم تسير مقابلهم في البحر مملوءة من الذخائر وللهرب إليها،وكان مسيرهم ثامن رجب فوصلوا نصفه وحال سيرهم والحرب عليهم من المسلمين سائر ومن انفرد أخذوه فوصل الخبر صلاح ترحيلهم فصار حتى قاربهم ثم جمع أمرائه واستشارهم ومرامه أن يسايروهم وييضايقوهم فأشاروا أن يسلك طرقا أخرى إلى عكا وكان الذي ما قال ليمنعهم قبل الوصول فخالفوه فسيقت الفرنج أحاطت بها من البحر إلى البحر ولم يبق طريق فأحاط بهم المسلمون مقابلهم ونفذت الرسل من السلطان بالمسلمين فاتاه عسكر الموصل وديار بكر وسنجار والجزيرة، فأقبل تقي الدين ومظفر الدين صاحب حران والرها وأتت الإمداد من بلاد الإسلام في البر وإمداد الفرنج من البحر، وكان بينهم حروب أنواع وضروب لم يقدر السلطان على الوصول إليهم ولا إلى عكا حتى خرجت رجب ثم قابلهم شعبان، فلم ينل ما يريد وباكرهم بالغد وشمر ساق الجد واستدار عليهم من بكرة إلى الظهر وصبر الفريقين صبر عظيما ثم حمل تقي الدين حملة منكرة من الميمنة فهاجم عن مواضعهم فأخلوا نصف البلد وملك تقي الدين مكانه والتصق بعكا ودخل المسلمون البلد وخرجوا وزان الحصر عمن فيه وأدخل صلاح الدين من الرجال والأموال والسلاح ولو لزموا قتالهم إلى أخر اليوم لبلغوا ما أرادوا ولكنهم بعد أن استراحوا وقتل من الفرنج جماعة وافرة ثم أن المسلمون نهضوا من الغد إليهم فرأوهم جند بن مد شرعوا في حفر خندق يمنع الوصول إليهم فألحوا عليهم في القتال فما برحوا مكانهم فرجعوا عنه ثم إن جماعة بلغهم أن جماعة من الفرنج تخرج من مكان آخر تخرج للإختطاف وكمنوا لهم في النهر سادس عشر شعبان فقتلوهم عن آخرهم وأتوا برؤوسهم فكساهم السلطان ثم إن الفرنج خافوا وصول عسكر مصر وقد رأوا فعل أولئك وقد رأوا تفرق ولم تقابلهم إلا القليل وتفرق الأكثر نفي حاجاتهم بظنهم ألا يبرحوا فلم يرعهم إلا خروجهم قد سدوا وجه الأرض طولها والعرض، فحملوا على تقي الدين بالميسرة فأمده صلاح الدين من القلب فرأوا وأخلوا القلب فحملوا عليه وقتلوا كل من وجدوه حتى وصلوا خيمة صلاح فاستشهد من المسلمين طائفة ومن العلماء بن رواحة وغيره، وانهزم المسلمون فصاح بهم السلطان صلاح وتبعهم حتى اجتمع معه جماعة وافرة فحمل بهم على الفرنج وهم في قتال تقي الدين فنصره الله فأخذ بهم سيوف الله من كل جانب ولم يفلت من أهل الحملة أحد قتل أكثرهم وأسر الباقون ووجد فيهم ثلاث نساء على الخيل وأسر سلطان الداوية وكان صلاح قد مر عليهم مرة فقتله فأحصا قتل الفرنج غير من في جانب البحر عشرة آلاف ورجع المنهزمون وقد وصل بعضهم دمشق وبعضهم طبرية فأمر صلاح بإلقاء القتلى في النهر الذي تشرب منه الفرنج ثم أنها جافت الأرض بالقتلى ومرض صلاح الدين بقولح وأشاروا بالإنتقال وكان فيه محنة على المسلمين لولا الضرورة فأمر السلطان من بعكا من المسلمين بحفظها وإغلاق أبوابها، وأبان لهم العذر فلما رحلوا من الفرنج وعادوا لحصار عكا من البحر إلى البحر والمراكب من وسط البحر وحفروا الخندق وقد جعل السلطان من يناوشهم الحرب كل يوم وهم لا يلتفتون بل يحفرون الخندق ويعملون ترابا فورا عليهم، وكان الرسل تخبر صلاح بفعلهم وهو لا يقدر على الحركة فقيل له أرسل عسكرا فقال لا يصنعون إذا لم أحضر بل ربما يقع الشر أكثر من الخير ولله رده فلقد صدق ولو أتوه وكان من بعكا يخرجون كل يوم إليهم وينالون منهم فتم الخندق وعملوا عليهم سورا.

وفي نصف شوال وصلت عسكر مصر تقدمها العادل أخو صلاح ولما وصل اشتدت قلوب الناس وأحضر معه مكن الآلات والقسي ورحل كثير وجمع صلاح حين عوفي جيشا ضخما ثم وصل إلى الأسطول المصري، وعند وصوله ألقى حمولة الفرنج فغنمها وأخذ أمولا كثيرة وأزادوا فادخلها عكا فسكنت نفوس من بها،وفيها فقيه الشام ابن أبي عصرون عبد الله بن محمد التميمي له تصانيف عدة ومن شعره:

أمل أن أحيا وفي كل ساعة

وما أنا إلا منهم غير أن لي ... تمر بي الموتى تهر نعوشها

بقايا ليال في الزمان أعيشها

وفيها الفقيه أبو طالب محمود بن علي اليمني الأصبهاني،وفيها في صفر أحمد بن عبد الرحمن المعروف بابن أفضل الزمان شيخ بن الأثير كان متبحرا في فنون الحكيم الفيلسوف أمر بخلعه السلطان صلاح وأفتى الفقها بإباحة دمه بما ظهر من عقيقه ومن شعره:

أبدا تحن إليكم الأرواح

وقلوب أهل ودادكم تشتاقكم

وا رحمة للعاشقين تكلفوا ... ووصى بها ريحانها والراح

وإلى لذيذ لقاكم ترتاح

ستر المحبة والهوى فضاح

Página 135