128

وهذه أبواب لا يستقل بمعرفتها من لم يكن مطبوعا عليها ، إلا أن ينال منها حظا جزيلا ، وقسما وافرا .

فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد تحدى بالقرءان ، وعلمنا ذلك من حاله ، ولم يثبت أن النظم كان مقصودا بالتحدي ، وإذا لم يثبت ذلك ، ثبت أنه لا بد من وجه يكون هو المقصود بالتحدي ، ثبت أن ذلك الوجه هو الفصاحة فقط ، فبطل قول من يقول: إن النظم مقصود بالتحدي ؟!

قيل له: لا فصل بينكم وبين من قال: لم يثبت أن الفصاحة مقصودة بالتحدي ، وإذا لم يثبت ذلك ، فكان لا بد من وجه يكون هو المقصود بالتحدي ، وعليه ثبت أن ذلك الوجه هو النظم فقط ، وذلك أن القرءان له هذا النظم المخصوص والفصاحة المخصوصة ، وقد وقع التحدي به ، وثبت عجز البشر عن الاتيان بمثله ، فلم يكن ادعاء تعلق العجز بأحد الأمرين أولى من ادعاء تعلقه بالآخر ، فيجب أن يقال: إنه متعلق بهما ، أو يقال: إنه لا يتعلق بواحد منهما ، ولا يصح القول بأنه لا يتعلق بواحد منهما ، لأنه لا بد من وجه به يتعلق الاعجاز ، ويكون هو المقصود بالتحدي ، فإذا ثبت ذلك ، فيجب تعلق الاعجاز بالأمرين ، وأن يكونا جميعا مقصودين بالتحدي على ما ذهبنا إليه .

Página 180