============================================================
كتاب اثيات النبءات اذا وجد الحيوان غير الناطق مطلقا من غير انسان ناطق ، كان من ذلك ايضا لعب الطبيعة ، اذ لم تبلغ به مقصوده ، وقد بلغت الطبيعة كل شيء مقصوده .
فإذا وجود الحيوان يوجب وجود الانسان الذي ينتفع به ، وكذلك اذا وجد الانسان الناطق مطلقا من غير سائس . مؤيد بالقدس ، كان من ذلك اعظم العبث من الطبيعة ، اذ لم تهيئ من صورة الانسانية الهيكل المعتدل الذي يقبل اثاره ، ليكون عكس المؤيد بالقدس من جهة الافادة لمن صحبوه في صورة الانسانية ، وتخلفوا عن قبول ما قبله وما به تستقيم احوال العالمين الجسماني والروحاني . ولو نظر كل امرئ في استقامة احواله من اجل تفاوت آلاته ، علم ان استقامة العالمين من اجل تفاوتهما: وذلك ان في جميع مصالح منزلته يعمل الى اشياء مختلفة الجوهر والطبيعة من الذهب الفضة ، والحديد، والرصاص، والشبة، والتبات11 ، والخزف ، والصوف، وغير ذلك مما يطول وصفه ليمكنه العيش بها ، فلو انه سوى من هذه الآلات من جهة الجوهرية شيئا واحدا ، فجعله كله ذهبأ مع شرفه ، لم يمكنه ان يطلب من جوهر الذهب ما يطلب من النبات . من الترفق ، وهكذا فانه ان جمع الصيغ في داره لصلحة عيشه بعد جواهر الصغر في صيغة واحدة ، وجعل ثلك الصيغة المهراس21 لم يمكنه ان يطبخ فيه ، او ان يغرف منه ، او ان يصفي فيه ، يل يجب ان يكون لكل شيء مما يوافقه ، ويصلح لذلك ليتم به صلاح عيشه . وكذلك الصناع فان آلاتهم مختلفة ايضا ، فلو ان كل واحد من الصناع جعل آلاته نوعا واحدا لم يمكنه ان يظهر حكمته بتلك الآلة ، وان كثرت اشخاصها ، بل يجب ان تكون انواعها ايضا مختلفة ، ليتهيأ له اقامة صنعته .
فقد بان بما قلناه، وأوضحناه في هذا الفصل ان من اجل التفاوت ، استقامت امور العالمين . فان قال قائل ان الله تعالى ذكره قال في كتابه : { الذي خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن مين تفاوت ، فارجع البصر هل ترى من فطوي : وانت تقول: من اجل التفاوت استقامت امور العالمين قلنا له : ان المراد من قوله تعالى {ما ترى في خلق الرتحمن من تفاوت هو ان نفس الخلقة لم تتفاوت عن المعنى الذي خلقت له ، والمعنى الثاني اراد به (41 سقطت في نسخةس.
(2) سقطت في نسخة م .
Página 48