Itaf Dhawi Albab
إتحاف ذوي الألباب في قوله - تعالى -: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}
Editorial
منشورات منتديات كل السلفيين.
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢م.
Géneros
Exégesis
هُوَ مَكْتُوبٌ لَهُ بِأَقْصَى الأَنْدَلُسِ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ» (١).
وَقَالَ العَلَّامَةُ ابْنُ القَيِّمِ ﵀ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ نَفْعَ الدُّعَاءِ وَالأَمْرَ بِهِ وَدَفْعَهُ لِلْبَلَاءِ: «وَقَدِ اعْتَرَضَ قَوْمٌ بِأَنَّ المَدْعُوَّ بِهِ إِنْ كَانَ قَدْ قُدِّرَ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ وُقُوعِهِ - دَعَا بِهِ العَبْدُ أَوْ لَمْ يَدْعُ -؛ لأَنَّ كُلَّ مُقَدَّرٍ كَائِنٌ - كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الآيَاتُ الصَّرِيحَةُ وَالأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ -، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُدِّرَ لَمْ يَقَعْ - سَأَلَهُ العَبْدُ أَوْ لَمْ يَسْأَلْهُ -، فَظَنَّتْ طَائِفَةٌ صِحَّةَ هَذَا الكَلَامِ، فَتَرَكَتِ الدُّعَاءَ، وَقَالُوا: لَا فَائِدَةَ فِيهِ» (٢).
قَالَ: «وَهَؤُلَاءِ - مَعَ فَرْطِ جَهْلِهِمْ وَضَلَالَتِهِمْ - مُتَنَاقِضُونَ؛ فَإِنَّ مَذْهَبَهُمْ يُوجِبُ تَعْطِيلَ جَمِيعِ الأَسْبَابِ، فَيُقَالُ لأَحَدِهِمْ: إِنْ كَانَ الشِّبَعُ وَالرَّيُّ قَدْ قُدِّرَا لَكَ فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِمَا؛ أَكَلْتَ أَوْ لَمْ تَأْكُلْ؛ شَرِبْتَ أَوْ لَمْ تَشْرَبْ، فَلَا حَاجَةَ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَإِنْ كَانَ الوَلَدُ قَدْ قُدِّرَ لَكَ فَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ وُطِئْتِ الزَّوْجَةُ وَالأَمَةُ أَوْ لَمْ تُوْطَأْ، وَإِنْ لَمْ يُقَدَّرْ لَمْ يَكُنْ، فَلَا حَاجَةَ لِلتَّزْوِيجِ وَالتَّسَرِّي - وَهَلُمَّ جَرًّا -، فَهَلْ يَقُولُ هَذَا عَاقِلٌ أَوْ آدَمِيٌّ؟! بَلِ الحَيَوَانُ البَهِيمُ مَفْطُورٌ عَلَى مُبَاشَرَةِ الأَسْبَابِ الَّتِي بِهَا قِوَامُهُ وَحَيَاتُهُ، فَالحَيَوَانَاتُ أَعْقَلُ وَأَفْهَمُ مِنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ هُمْ كَالأَنْعَامِ؛ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
_________
(١) أَوْرَدَ المُصَنِّفُ - أَيْضًا - كَلَامَ ابْنِ حَزْمٍ فِي كِتَابِهِ «رَفْعِ الشُّبْهَةِ وَالغَرَرِ عَمَّنْ يَحْتَجُّ عَلَى فِعْلِ المَعَاصِي بِالقَدَرِ» (ص٢٤)، وَعَزَاهُ إِلى «المِلَلِ وَالنِّحَلِ» لابْنِ حَزْمٍ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِيهِ - فِيمَا بَحَثْتُ -.
(٢) انْظُرِ «الجَوَابَ الكَافِي» (ص١٦).
1 / 93