Itaf Dhawi Albab
إتحاف ذوي الألباب في قوله - تعالى -: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}
Editorial
منشورات منتديات كل السلفيين.
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢م.
Géneros
Exégesis
قَالَ: «فَاعْتَرَضَ قَوْمٌ، فَقَالُوا: قَدْ سَبَقَ عِلْمُ اللهِ ﷿ بِنِهَايَةِ أَجَلِ المَرْءِ وَمُدَّةِ صِحَّتِهِ وَشِدَّةِ سَقَمِهِ؛ فَأَيُّ مَعْنًى لِلْعِلَاجِ؟!».
قَالَ: «فَقُلْنَا لَهُمْ: نَسْأَلُكُمْ هَذَا السُّؤَالَ نَفْسَهُ فِي جَمِيعِ مَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَاللِّبَاسِ لِلْمَطَرِ وَالبَرْدِ وَالحَرِّ، وَالسَّعْيِ بِالمَعَاشِ بِالحَرْثِ وَالغَرْسِ وَالقِيَامِ عَلَى المَاشِيَةِ وَالتَّحَرُّفِ بِالتِّجَارَةِ وَالصِّنَاعَةِ، وَنَقُولُ لَهُمْ: قَدْ سَبَقَ عِلْمُ اللهِ - تَعَالَى - بِنِهَايَةِ أَجَلِ المَرْءِ وَمُدَّةِ صِحَّتِهِ وَمُدَّةِ سَقَمِهِ؛ فَأَيُّ مَعْنًى لِكُلِّ مَا ذَكَرْنَا؟! فَلَا جَوَابَ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ عِلْمَ اللهِ - تَعَالَى - أَيْضًا قَدْ سَبَقَ بِمَا يَكُونُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ، وَبِأَنَّهَا أَسْبَابٌ إِلَى بُلُوغِ نِهَايَةِ العُمُرِ المَقُدَّرَةِ، فَنَقُولُ لَهُمْ: وَهَكَذَا الطِّبُّ؛ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللهِ - تَعَالَى - أَنَّ هَذَا العَلِيلَ يَتَدَاوَى، وَأَنَّ تَدَاوِيَهُ سَبَبٌ إِلَى بُلُوغِ نِهَايَةِ أَجَلِهِ، فَالعِلَلُ مُقَدَّرَةٌ، وَالزَّمَانَةُ (١) مُقَدَّرَةٌ، وَالمَوْتُ مُقَدَّرٌ، وَالعِلَاجُ مُقَدَّرٌ، وَلَا مَرَدَّ لِحُكْمِ اللهِ - تَعَالَى -، وَنَافِذٌ عِلْمُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَهَذَا الكَسْبُ: مِنْهُ مَا لَيْسَ رِزْقًا، فَلَا يَصِلُ العَبْدُ إِلَيْهِ وَلَوْ جَهِدَ جَهْدَهُ أَوْ سَعَى لَهُ دَهْرَهُ، وَلَوْ صَارَ فِي يَدَيْهِ لَتَلِفَ، وَلَوْ صَارَ فِي فِيهِ لَسَقَطَ مِنْهُ، وَمِنْهُ: مَا هُوَ رِزْقٌ لِلإِنْسَانِ مَحْتُومٌ لَهُ؛ فَقَدْ يَأْتِيهِ بِلَا عَنَاءٍ، وَلَوْ رَامَ أَهْلُ الأَرْضِ صَرْفَهُ عَنْهُ مَا قَدِرُوا؛ فَقَدْ نَجِدُ الفُلْفُلَ (٢) بِبِلَادِ الهِنْدِ ثُمَّ يُسَخِّرُ اللهُ لَهُ مَنْ يَجْلِبُهُ (٣) إِلَى مَنْ
_________
(١) بِفَتْحِ الزَّايِ، وَهِيَ: المَرَضُ الدَّائِمُ وَالعَاهَةُ.
(٢) بِضَمِّ الفاءَيْنِ، أَمَّا كَسْرُهُمَا فَمِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَنْ جَوَّزَهُ، وَأَصْلُ الكَلِمَةِ فَارِسِيَّةٌ.
(٣) بِكَسْرِ اللَّامِ وَضَمِّهَا؛ مِنْ بَابَيْ: (ضَرَبَ) وَ(قَتَلَ).
1 / 92