139

Israiliyyat

الإسرائيليات

Géneros

كتب الإمام الأكبر مقالا مطولا في (أهرام 2 / 11 / 2000م) ليجيب عن السؤال الذي جعله عنوانا لمقالة «هل المسجد الأقصى تحته هيكل سليمان عليه السلام؟» والهدف منه كما قال فضيلته دحض «لأقوال لا أساس لها من الدين القويم ولا من العقل السليم ولا المنطق القويم».

أول الملاحظات أن خطاب مولانا لا يصلح لسوانا، وأن مسألة الدين القويم هذه سيخالفه فيها مليارات البشر من مختلف الملل والنحل؛ ومن ثم فإن بناء استنتاجات حول حقوقنا المبنية على مصادرها في الدين القويم من وجهة نظرنا، لن تقنع أحدا سوانا، ونحن مسلمون ومؤمنون سلفا.

هو ذات الخطاب الذي يقوم بتديين القضية، خطاب ذاتي يرى أنه يستند إلى الدين القويم بين أديان البشر، يملك الحقيقة الكاملة والنهائية والمطلقة، التي تفرض نفسها على جميع الناس بقدراتها الذاتية. وإن خالفونا حولها فإن علينا فرضها عليهم اتباعا لأوامر الدين القويم، حيث قال خاتم المرسلين

صلى الله عليه وسلم : «بعثت لأقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله ...» لكن سيصبح كلامنا هكذا بدون قوة تدعمه وتحققه مجرد كلام، وتقف حقيقتنا عارية من إمكانات القبول والتحقق.

ثم يقول فضيلته: إن الثابت في الحديث الشريف أن المسجد الحرام بمكة هو أول بيت وضع في الأرض، وأن الثاني هو الأقصى، وجاء بعده بأربعين عاما ... شكرا! ...

وماذا بعد؟

نتابع، نستعجل المنطق والنتائج القويمة، لنقرأ قوله: «وقد أجمع المحققون من أهل العلم على أن المؤسس والمنشئ للمسجد الأقصى، هو يعقوب عليه السلام ... وهو نبي بن نبي بن نبي ... وإذا كان إبراهيم عليه السلام هو الذي رفع قواعد البيت الحرام الذي بمكة، فإنه من المعقول أن يكون حفيده يعقوب هو الذي أسس وأنشأ بأمر ربه الأقصى، وأن تكون المدة الزمنية بين الجد وهو إبراهيم عليه السلام وبين حفيده عليه السلام هي أربعين سنة ... ويعقوب عليه السلام أطلق عليه القرآن الكريم أيضا اسم إسرائيل.»

هنا يقف العقل دهشا يتساءل لأنه بالأساس «عقل» لا يهضم أي شيء بمجرد الإلقام، ولا يتزحزح يريد مقصد مولانا ب «المحققين من أهل العلم الذين أجمعوا» أولا، حتى نهتم بما أجمعوا عليه ثانيا. خاصة وهو خطاب يتناسل أو يتناسخ ذاتيا ومن داخله فقط؛ فالمقدمة حديث للنبي والاستنتاجات المعقولة المبنية عليه مصادرات إسلامية بدورها.

إذا كان يقصد ب «المحققين من أهل العلم الذين أجمعوا» المؤلفين الإسلاميين أو حتى رواة السير والأخبار، فلا بأس. لكن ذلك لن يغير شيئا في أي شيء؛ فهو لا يقنع سوانا كما اتفقنا، ونحن بحمد الله ونعمته مسلمون، بل إن الإسلام هو أشد الأمور وضوحا في بلادنا، من مناهج التعليم إلى الإعلام، إلى ألوف المآذن إلى الميكرفونات المتجاورة، إلى سلوك الناس اليومي ، إلى مصطلحاتهم وتعبيراتهم، إلى مواقفهم، إلى فهمهم للأشياء وللدنيا ... إلى آخره.

إذن هل قصد بهم أهل التوراة مثلا؟ إنهم أبدا لا يقرون مولانا على ما قال، بل يؤكد مقدسهم أن في فلسطين كان هناك عدد من بيوت الآلهة المعبودة من بيت إيل إلى بيت لحم إلى بيت يراه إلى بيت شماس إلى بيت البعل، حتى جاء الغزو الإسرائيلي لها، وأسس أحد ملوكهم «سليمان» معبد الرب اليهودي «يهوه» الذي يعرف في التاريخ باسم الهيكل. وأنهم قبل ذلك لم يكن لهم بيوت مقدسة هناك وإلا أصروا على تأكيدها إمعانا في إثبات حقهم في عمق التاريخ، «لكن مولانا يجد لهم هذا العمق نيابة عنهم زمن يعقوب قبل سليمان بست قرون». المهم حسب التوراة (العهد القديم) كان الهيكل أول معبد أو هيكل أو مسجد يسجدون فيه في فلسطين، بعد أن تحولوا عن البداوة إلى الاستقرار في فلسطين. وخلال تجوالهم الطويل كانوا يحملون الرب معهم في تابوت يرقد فيه، وعندما استقروا بنوا الهيكل ووضعوا فيه تابوتهم. وقد وردت إشارة للتابوت في القرآن الكريم في قوله تعالى:

Página desconocida