Islam en el siglo XX: su presente y su futuro
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
Géneros
وربما سكن القتال بين الأفغان والفرس على مقربة من الهند لينشب بين الفرس والترك من قبل العراق وبحر الخزر بإيعاز من الروس أو طلاب الرخص الاقتصادية، وينتهي القتال من هنا وهناك بغنيمة للإنجليز أو للروس، وخسارة على الأفغان والفرس والترك أجمعين.
وقد وضع جمال الدين يده على الداء كله حينما أدرك أن العلاج السريع لهذه المحنة إنما يبدأ بالتوفيق بين الأمم الإسلامية، وكف المطامع والدسائس عن بلادها، وكان يشق عليه كثيرا أن يرى هذه الأمم كما قال: «متحدين على الخلاف مختلفين على الاتحاد مطاوعين للمستعمرين والمستغلين جادين في خدمتهم كأنها فريضة من فرائض الدين.»
فعقد عزيمته على رسالة واحدة يتحراها مدى الحياة، وهي حسم الخلاف بين الأمم الإسلامية، وإيصاد الأبواب على المستعمرين والمستغلين حتى تنقطع المطامع التي تسول لهم العدوان على الأمم الإسلامية، وإيقاع الفتنة والشقاق بين حكوماتها وطوائفها.
وهذه هي الجامعة الإسلامية كما أرادها جمال الدين، وفي سبيلها رحل إلى الهند وبلاد العرب والآستانة ومصر وروسيا وفرنسا وإنجلترا، وخرج من الهند مرة، على رواية مستر بلنت المستشرق الأيرلندي، قاصدا إلى الولايات المتحدة ليتجنس بالجنسية الأمريكية ويستثير الأمريكيين على الإنجليز والروس، وكان قد سمع بمساعي الأمريكيين في الشرق الأقصى فخطر له أن يستخدمها في قضيته، ولكنه أقام أشهرا في الولايات المتحدة على قول مستر بلنت، فعدل عن عزمه، ولم يتمم ما نواه من رحلته، ولعله عرف بالخبرة الواقعة أنه يعلق الرجاء حيث لا رجاء.
وقد خطر لجمال الدين يوما أن يرسل تلميذه ومريده الشيخ محمد عبده إلى السودان؛ لتنظيم الثورة المهدية، وتحويلها إلى خدمة الجامعة الإسلامية، وخطر له في مصر أن يسقط الخديو إسماعيل، ويقيم فيها الجمهورية؛ بل خطر له أن يحرض على إسماعيل من يغتاله عسى أن يجد من خليفته توفيق مستمعا لنصائحه ووصاياه.
وقد توسل جمال الدين في رسالته بكل وسيلة تملكها يداه، فأصدر في أوروبا صحيفة «العروة الوثقى» وصحيفة «ضياء الخافقين» وأنشأ في مصر محفلا ماسونيا بعيدا من سيطرة المحافل الأجنبية، وقيل: إنه ألف في مكة المكرمة جماعة «أم القرى» وهم بالسفر إلى نجد لقيادة الحركة الوهابية، ولم يهدأ قط في حياته عن عمل مستطاع يحقق به رسالة الجامعة الإسلامية، واتهمه السلطان عبد الحميد بالعمل في الآستانة على استمال الخديو عباس الثاني إلى تنفيذ مساعيه يوم زارها في ضيافة السلطان.
ثم أصيب بالسرطان فمات به (سنة 1897) وحظر السلطان الاحتفال بجنازته، فلم يشيعه إلى مقره الأخير غير آحاد معدودين، وفارق الحياة، ولم تتحقق مساعيه؛ لأنها أكبر من أن تحققها جهود جيل واحد، غير أنه أحسن بذر البذور فلم تمت في تربتها الصالحة، وحق لمترجمه أن يقول: إن تاريخ الشرق الإسلامي في ثوراته على الحكم المطلق وعلى مطامع الاستعمار والاستغلال لن ينفصل عن تاريخ الدين.
محمد عبده
هؤلاء المصلحون المعلمون الثلاثة نشئوا كنشأة الإخوة في أسرة واحدة: ولد السيد أحمد خان في سنة 1817، وولد السيد جمال الدين في سنة 1839، وولد الشيخ محمد عبده 1849، وكان بينهم من التخصص على غير قصد ما يشبه توزيع الوظائف في المهمة الواحدة؛ فتولى كل منهم عمله الذي يستطيعه حيث يستطاع، ولم يكن للعالم الإسلامي غنى عن واحد منهم في موضعه، أو في مهمته كما فرضتها عليه دواعي الإصلاح.
ولقب الشيخ محمد عبده بحق «الأستاذ الإمام»؛ لأن هذا اللقب يلخص رسالته في الإصلاح بين زميليه أحمد خان وجمال الدين.
Página desconocida