فإن قال قائل من المشبهة: إذا قلتم إن الكتابة مخلوقة يؤدي ذلك إلى أن المصحف ليس له حرمة.
يقال لهم إن الحرمة لا تثبت إلا بما هو قديم ثم لم يكن للمسجد حرمة بحيث يمنع الجنب من اللبث فيه والمرور على مذهب بعض الفقهاء فكما أن المسجد بجميع أجزائه مخلوق وله حرمة لأجل المعهود فيه فكذلك إنما المصحف بجميع أجزائه مخلوق وله حرمة لأجل المكتوب فيه.
فإن قيل: إذا قلتم إن هذه الأحرف محدثة وليست القرآن، فالقرآن أين هو؟.
يقال لهم: فإذا قلتم إن هذه الأحرف هي القرآن، فالقديم أين هو؟.
فإن قيل فقد قال الله عز وجل: الم، طه، طسم، فدل على أن القرآن هو هذه الأحرف.
ويقال لهم: لا فرق بين هذه الآيات وغيرها فإن الألف التي في الحمد والطاء التي في طه كالطاء التي في الطاغوت فجميع الأحرف التي في السور سواء، فما ثبت لبعضها من القدم أو الحدث ثبت لكلها.
ثم يقال لو أن هذه الأحرف قديمة لأجل تخصيصها بالذكر لكان الشمس والقمر والنجوم قديمة لتخصيصها بالذكر قال الله تعالى: والنجم إذا هوى (النجم: 1)، وقال عز وجل: والشمس وضحاها* والقمر إذا تلاها (الشمس: 1، 2) فكما لا يقال إن هذه الأشياء قديمة لتخصيصها بالذكر فكذلك الأحرف أيضا.
ثم يقال لهم: هذه الأحرف التي تثبتون قدمها في القرآن هل هي أحرف أب ت ث أم لا؟ فإن قيل غيرها فهذا دفع للضرورة وإن قيل هي يقال لهم فهل هي التي يكتب بها شعر المتنبي وحسان والنقال أم لا؟.
Página 386