نعم فإن انضاف إلى ما تقدم خصلة عاشرة وهي أن تكون معصية هذا العبد لسيده بمرأى منه ومنظر، نحو أن يقف بين يدي هذا الملك العظيم الشأن وهو يبزق في وجهه ويستخف بحاله، فإنها تكون أعظم من معصيته له سرا منه، وغير مجاهرة له وهذه حالتنا مع القديم تعالى فإنه لا يمكننا أن نستتر عنه، بل لا تستتر عنه خواطر قلوبنا وما أكنته ضمائرنا فإنه يعلم السر وأخفى، وهذا من أعظم الأمور الفواجع للعاقل إذا نظر بعين البصيرة ؛ إذ يستخفي من الناس في الصغيرة، ويجاهر ربه في الكبيرة والصغيرة، وإن كان كل صغير في حقه كبير.
وعلى أنه إذا انضاف إلى ما تقدم خصلة أخرى وهي المكملة لما مضى إحدى عشرة خصلة.
وهي أن تكون معصية هذا العبد الحقير لسيده بحضرة خواص الملك وأهل ولايته، فيفعل الفاحشة بجاريته بحضرته، ويبزق في وجهه، ويستخف بحاله، فإن ذلك يزيد المعصية عظما وكبرا ويبلغ بها إلى أنهى النهآيات وأقصى الغآيات، فإنه لو لم يحضرهما أحد لكان من أعظم الجرائم، فكيف بحضرة أهل الفضائل.
وهذه حالتنا مع إلهنا وخالقنا، فإنا لا نعصيه إلا وهو يرانا، ووكلاؤه علينا، وهم الملائكة المقربون الموكلون علينا الحافظون، وهم خواص أهل خواص أهل مملكته عز وجل، الواحد منا يتحاشم من يسيرة فعله، أن يراه عليه الصبيان والمجانين، ولا يتحاشم من الملائكة المقربين، ولا من رب العالمين.
وعلى أنه إذا انضاف إلى ذلك خصلة أخرى وهي الخصلة الثانية عشرة.
Página 25