123

Iraq in Narrations and Signs of Turmoil

العراق في أحاديث وآثار الفتن

Editorial

مكتبة الفرقان

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Ubicación del editor

الأمارات - دبي

Géneros

ويخطئ أخرى.
فتبين أنّ الأمر على ما قاله أولئك، ولم يكن في الخروج لا مصلحة دين ولا مصلحة دنيا، بل تمكن أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله ﷺ حتى قتلوه مظلومًا شهيدًا، وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن حصل لو قعد في بلده، فإن ما قصده من تحصيل الخير ودفع الشر لم يحصل منه شيء، بل زاد الشر بخروجه وقتله، ونقص الخير بذلك، وصار ذلك سببًا لشر عظيم، وكان قتل الحسين مما أوجب الفتن، كما كان قتل عثمان مما أوجب الفتن.
وهذا كله مما يبين أن ما أمر به النبي ﷺ من الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد، وأن من خالف ذلك متعمدًا أو مخطئًا لم يحصل بفعله صلاح، بل فساد، ولهذا أثنى النبي ﷺ على الحسن بقوله: «إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» (١)، ولم يُثْنِ على أحد لا بقتال في فتنة، ولا بخروج على الأئمة، ولا نزع يد من طاعة، ولا مفارقه للجماعة.
وأحاديث النبي ﷺ الثابة في الصحيح كلها تدل على هذا، كما في «صحيح البخاري» من حديث الحسن البصري: سمعت أبا بكرة ﵁ قال: سمعت النبي ﷺ علىالمنبر والحسن إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة ويقول: «إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» . فقد أخبر النبي ﷺ بأنه سيد، وحقق ما أشار إليه من أن الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.
وهذا يبين أن الإصلاح بين الطائفتين كان محبوبًا ممدوحًا يحبه الله ورسوله، وأن ما فعله الحسن من ذلك كان من أعظم فضائله ومناقبه التي أثنى

(١) أخرجه البخاري (٢٧٠٤، ٣٦٢٩، ٣٧٤٦، ٧١٠٩) وغيره.

1 / 126