وقد كان من المعلوم أن مذهب الفلاسفة من أخبث المذاهب، وأنهم من أضل الناس، وأبعدهم عن سلوك الصراط المستقيم، واتباع سبيل المؤمنين، وإنما غالب علومهم النظر في العقليات، وأما ما كان عليه الرسل وأتباعهم فهم لا يعرفونه، ولذلك كانوا يعارضون ما بلغهم من النقليات بما عندهم من العقليات بآرائهم الفاسدة، وأوهامهم الكاسدة، فليسوا في الحقيقة من أهل الإسلام وعلومهم في شيء.
وقد ذهب طوائف من المتكلمين وغيرهم من أهل الإسلام إلى ما وضعوه من العقليات، واستحسنوا ذلك، فضلوا وأضلوا كثيرًا وضلوا عن سواء السبيل، وهؤلاء هم الذين أشار إليهم شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ بقوله: ـ
لا سيما والإشارة بالخَلَفِ إلى ضرب من المتكلمين الذين كثر في باب الدين اضطرابهم، وغلظ عن معرفة الله حجابهم، وأخبر الواقف على نهاية إقدامهم بما انتهى إليه مرامهم: ـ
لعمري لقد طفتُ المعاهدَ كلَّها ... وسيَّرْتُ طرفي بينَ تِلْكَ المَعَالِمِ
فلم أَرَ إلا واضعًا كفَّ حائرٍ ... على ذَقَنٍ أو قَارِعًا سنَّ نادِم
وأقروا على أنفسهم بما قالوا متمثلين به، أو منشئين له فيما صنفوه من كتبهم، كقول بعض رؤسائهم: -
نهايةُ إقدامِ العقولِ عِقَالُ ... وأكثرُ سَعْيِ العالمينَ ضَلاَلُ
1 / 52