الرد على قوله: إن كثيرًٍٍٍا من علماء الأمة الإسلامية ــ الآن لم يحجوا
...
فصل
وأما قول السائل: "بل نرى كثيرًا من علماء الأمة الإسلامية، ومرشديها المصلحين، منهم من عاش ومات ولم يحج، مع أنه ربما رحل في سنة مرتين أو ثلاثًا إلى أوربا، أو إلى غيرها من البلاد، ولم يذهب إلى مكة، مع أنه كان الألزم والأوجب أن يقصد مكة والحج كل موسم للنصح والإرشاد، فهذا ساكن الجنان الأستاذ الإمام المرحوم السيد عبد الرحمن الكواكبي، وغيرهم، وعاشوا وماتوا، وهم لم يروا مكة في وقت الحج، وحضرتك أيضا كذلك، فما هي الأسباب يا ترى؟ ونحن نعتقد أن امتناعكم جميعًا عن الحج لا بد له من سبب، فما هو ذلك السبب العظيم الذي يمنع رجال الإصلاح العظام عن الحج المقدس؟ "
فالجواب أن نقول: ترَ ْك هؤلاء العلماء المصلحين للحج، وقد كان الواحد منهم يسافر إلى الأماكن الشاسعة البعيدة، ويتجشمون في ذلك الأخطار الشاقة الشديدة، فَتَرْكُ هؤلاء العلماء المصلحين للحج مع ذلك والحالة هذه لا بد أن يكون لأحد أمرين: ـ
إما أن يكون تكاسلًا: وطلبًا للراحة، وملاذِّ النفوس وشهواتها، وتسويلًا من الشيطان بالتسويفات الباطلة، والأماني الكاذبة، فهذا فيه من الوعيد على ترك الحج مع القدرة عليه ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
1 / 49