وأدلة العلماء كمعجزات الأنبياء (^١).
ولم يزل العلماء يردون على القدرية أقوالهم ويبطلون استدلالهم ويكشفون تلبيسهم ويظهرون تدليسهم. وبذلك أخبر النبي ﷺ بقوله: "يحمل هذا العلم من خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين" (^٢).
ولا تزول الشبه عن قلوب العامة إلا من حيث دخلت وقد كان النبي ﷺ يزيل الشبه من حيث علم دخولها.
روي أن رجلا أتى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله إن امرأتي أتت بولد أسود ونحن أبيضان فعلم النبي ﷺ أن الشبهة قد دخلت عليه بولده، وأنه قد وقع عنده أن زوجته أتت به من غيره، ولو قال له النبي ﷺ هو ابنك الولد للفراش، لم تزل عنه الشبهة، فعدل عن ذلك وقال له: "هل لك من إبل؟ " قال: نعم، قال: "ما ألوانها؟ " قال: حمر، قال له: "هل فيها من أورق؟ " - والأورق ما لونه كلون الرماد - قال: نعم إن فيها لورُقا قال: "فأنى ترى ذلك؟ " قال: لعل عرقا نزعها؟ فقال ﷺ: "وهذا لعل عرقا نزعه .. " (^٣).
_________
(^١) معنى ذلك أن أدلة العلماء تقوم بها الحجة على الناس كما أن الحجة تقوم بمعجزات الأنبياء.
(^٢) أخرج البزار. انظر: كشف الأستار ١/ ٨٦، وابن عدي في الكامل. انظر: ١/ ١٥٢، ٣/ ٩٠٢، وابن عبد البر في التمهيد ١/ ٥٩. كلهم من حديث أبي هريرة وابن عمر ﵄ من طريق خالد بن عمرو القرشي عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب.
قال ابن عدي في ترجمة خالد بن عمرو: "وهذه الأحاديث رواها خالد عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب كلها باطلة". وعندي أن خالد بن عمرو وضعها على الليث. الكامل في الضعفاء ٣/ ٩٠٢.
وقد أورد ابن عدي في الكامل ١/ ١٥٢ - ١٥٣ عدة طرق لهذا الحديث ولكنها طرق واهية.
وذكر هذا الحديث ابن القيم في مفتاح دار السعادة فذكر طرقه وليس فيها طريق يخلو من مقال. انظر: مفتاح دار السعادة ١/ ١٦٥.
(^٣) أخرجه خ. كتاب الطلاق (ب. إذا عرض بنفي الولد) ٨/ ٤٦، م. كتاب اللعان ٢/ ١١٣٧. كلهم من حديث أبي هريرة ﵁.
1 / 94