وتحت قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ (^١).
ولا يلزم على قولي هذا افتتاحي الرسالة بذكر الأخبار المروية عن النبي ﷺ في القدرية ولا في الرد عليهم، فإن تلك مذمة واردة عن النبي ﷺ وعن الصحابة والعلماء ولقب لهذه الفرقة لا يسع أحد إنكارها (^٢)، بل كل فريق يرد ذلك عن نفسه بما أمكنه من التأويل، والله يعلم المفسد من المصلح.
وما أورده من الكلام السخف يدل على انقطاعه وقلة علمه بلا شك ولا ريب عند المحققين من أهل النظر، ولولا خشية دخول الشك والارتياب على من اطلع على كلامه أو بلغه ممن لا خبرة له بمذهب القدرية من أهل السنة لكان الإعراض عن الجواب من الصواب.
فقد روي عن النبي ﷺ أنه قال: "لا أخاف على أمتي مؤمنا ولا كافرا أما المؤمن فيحجزه إيمانه وأما الكافر فيقمعه كفره، وإنما أخاف عليهم منافقا عليم اللسان يقول ما تعرفون ويفعل ما تنكرون" (^٣). وليس يعرفهم إلا من استحكم معرفة أصول الدين الذي يعرف به الحق من الباطل وهم الحجة في كل عصر.
_________
(^١) سورة الأحزاب آية (٥٧ - ٥٨).
(^٢) يقصد المصنف هنا - أن افتتاحه رسالته التي كتبها نصيحة لأهل السنة عن أقوال القدرية بالأدلة الواردة في ذم القدرية والرد عليهم لا تدخل تحت الشتيمة والإيذاء الذي أنكره على المعتزلي لأن هذه أثار لا يسع أحدا إنكارها.
(^٣) أخرجه الطبراني في الصغير عن علي ﵁ وقال: "لم يروه عن أبي إسحاق إلا عباد بن بشر ولا يروي عن علي إلا بهذا الإسناد". المعجم الصغير ٢/ ٩٣، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: "أخرجه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه الحارث الأعور وهو ضعيف جدا" ١/ ١٨٧، ولبعض هذا الحديث شاهد بسند صحيح، فقد أخرج. حم. من حديث عمر ﵁ مرفوعا: "إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان" ١/ ٢٢ - ٤٤.
وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند: "إسناده صحيح". انظر: ١/ ٢١٧ - ٢٨٩، وأخرجه البزار عن عمر وعمران بن الحصين ﵄. كشف الأستار ١/ ٩٨. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير عن عمران ﵁. المعجم الكبير ١٨/ ٢٣٧. وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. المجمع ١/ ١٨٧.
1 / 91