Insurance Contracts: Their Reality and Ruling
عقود التأمين حقيقتها وحكمها
Editorial
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Número de edición
السنة السابعه عشر -العدد الخامس والستين
Año de publicación
السادس والستين - محرم -جماد الأخرة ١٤٠٥هـ
Géneros
فهذا مثلًا علي الخفيف يقرر نفس المعنى في بحثه عن التأمين١. وكذا محمد سلام مدكور حيث يقول: "إن شركات التأمين تقوم بدور الوسيط بين الأفراد المتعاونين"٢. والزرقا حيث يقول: "إن التأمين قائم على فكرة التعاون على جبر المصائب والأضرار الناشئة من مفاجآت الأخطار"٣.
ولو سلمنا القول بما ذهب إليه الإمام مالك ﵀ فلا يصلح مستندًا لما ذهبوا إليه البتة لأنها لا تصح أبدًا دعواهم أن عقد التأمين من قبيل التبرعات بل هو عقد معاوضة محضة ويتضح ذلك من التعريف القانوني لعقد التأمين٤.فليس هناك شك أن عقد التأمين عقد معاوضة بين متعاقدين يلتزم بمقتضاه كل منهما بعوض مقابل ما يلتزم به الآخر وإذا كان كذلك فلا يجوز في مذهب من المذاهب الفقهية ما في عقد التأمين من غرر كثير وكبير ولا تعدو هذه الدعوى أن تكون مغالطة بعيدة عن الواقع الحقيقي لعقد التأمين.
ولا يجادل عاقل في أن مقصد شركات التأمين إنما هو تحقيق الربح الوفير لها من جراء اتجارها بدعوى توفير الأمن للمتعاقدين معها فلا يصح بحال دعوى أن هذه الشركات ليست إلا الوسيط الذي ينظم التعاون ... إنها مغالطة للواقع.
٣- حاول الزرقا دفع الغرر عن عقد التأمين بدعوى أن في عقد التأمين معاوضة محققة النتيجة فور عقده.. وأن الاحتمال فيه بالنسبة للمُؤَمن إنما هو بالنظر إلى كل عقد على حدة وأما بالنظر إلى مجموع العقود فإن التأمين يعتمد على أساس إحصائية تنفي عنه الاحتمال عادة.. وأما بالنسبة إلى المستأمن فإن الاحتمال معدوم؛ ذلك لأن المعاوضة الحقيقة في التأمين بأقساط إنما هي بين القسط الذي يدفعه المستأمن وبين الأمان الذي يحصل عليه وهو حاصل بمجرد العقد لأنه بهذا الأمان لم يبق بالنسبة إليه فرق بين وقوع الخطر وعدم وقوعه٥.
وهذه المحاولة غير صحيحة أما بالنسبة للمُؤَمن فكل عقد يجريه فيه غرر كبير يوجب بطلانه والتحايل بلفت النظر إلى مجموع العقود لا يصح فإنه ليس له وجود في الخارج وإنما الذي له وجود هو العقد الغرر وهو يتضمن غررًا كبيرًا من الجانبين.
_________
١ ص ٥٩ وما بعدها.
٢ انظر مجلة العربي العدد ١٩٢.
٣ انظر أصول الفقه الإسلامي ص ٤٠١ وما بعدها.
٤ تقدم في أول البحث.
٥ انظر أصول الفقه الإسلامي صر ٤٠٢ وما بعدها.
1 / 77