Insurance Contracts: Their Reality and Ruling
عقود التأمين حقيقتها وحكمها
Editorial
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Número de edición
السنة السابعه عشر -العدد الخامس والستين
Año de publicación
السادس والستين - محرم -جماد الأخرة ١٤٠٥هـ
Géneros
والأحاديث في هذا الباب تدل على أنه لا يتقيد بالتسوية إلا في القسمة١ وأما في الأكل فلا تسوية لاختلاف حال الآكلين ولأن الذي يوضع للأكل سبيله المكارمة لا التشاح ... وقد اغتفر الربا في النهد لثبوت الدليل على جوازه٢ وذلك أن الشخص قد يأكل أكثر أو أقل مما أخرج وكذلك في القسمة قد يكون ما يقسم للشخص أكثر أو أقل ما أخذ منه لكنه اغتفر هذا الفضل للدليل الدال على جوازه.
وما حصل فيما ذكر لم يتم عن طريق التعاقد والالتزام بين أطراف في هذا التعاقد بدفع شيء معين أو غير معين مقابل التزام آخر وإنما يتم عن طريق المواساة في أوقات الحاجة والمجاعة.
وكذلك ليس فيما ذكر إرادة المبايعة والبدل وإنما يفضل بعضهم بعضًا بطريق المواساة.. فما ذكر في هذه الأحاديث إنما هو خلط الزاد في السفر والإقامة من باب الإيثار والمواساة وطلب البركة٣ فلا يصلح أن يستدل بها لإنشاء عقد تأمين بدعوى أنه تعاوني وليس تجاري.
والذي يظهر أن ما ورد في هذا إنما هو حالة استثنائية خاصة فيمكن أن يطبق حكمها على ما يماثلها فقط ولا يصح أن تجعل قاعدة عامة يبنى عليها تنظيم عام وهذا ما يدل عليه تقييد العلماء للنهد بما تقدم كما يدل عليه الحالات التي حصلت فيها الشواهد المذكورة.
ثم إنه لا عبرة بتسميته تأمين تعاوني وإنما العبرة بالكيفية التي يتم بها هذا الشيء فإن كان على سبيل التبرع والإحسان بحيث لا يلزم أحد بدفع أقساط معينة بل كل يدفع ما شاء متى شاء وكذلك لا يلتزم له بدفع تعويض عن خطر ما وإنما يواس ويجبر دون التزام له بذلك فإن كان بمثل هذه الكيفية فلا بأس به إن شاء الله و﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ﴾ ويغتفر في التبرعات ما لا يغتفر في غيرها.
وأما إن كان عن طريق التعاقد بان يلتزم كل واحد بدفع أقساط معينة ويلتزم له
_________
١ في حديث سلمة لم يذكر فيه التسوية في القسمة إلا أن يقال إن مثل هذا داخل في موضوع المعجزات فلا يستدل به لهذا الباب أصلا وهذا هو الظاهر.
٢ انظر فتح الباري ٥/ ١٢٩ وعمدة القاري شرح صحيح البخاري ١٣/ ٤٠ و. ٥ للعيني الناشر دار الفكر.
٣ يدل لهذا ما رواه أبو عبيد في الغريب عن الحسن قال: "أخرجوا نهدكم فإنه أعظم للبركة وأحسن لأخلاقكم " انظر فتح الباري ٥/ ١٢٩وقال العيني: " وحكى عن عمرو بن عبيد عن الحسن فساقه وزاد "وأطيب لنفوسكم " عمدة القاري ١٣/ ٤٠والله أعلم بالصواب.
1 / 94