القُدُوري في "مختصره"، حيث قال: إنه يُستحب. وقد عَرَفْتَ ما له وما عليه، وأطْلَق النَّسَفِيُّ في"الكَنْز"، حيث قال: "سُنَّ لبثٌ في مسجدٍ بصوم ونيّة". ولا يمكن أن يكونَ المرادُ السنَّة الغير المؤكَّدة؛ لأنَه ردَّ هو القول بالاستحباب في "المنافع" كما قد نقلتُه سابقًا.
ثم رأيتُ في "رسائل الأركان" لبحر العلوم (١) ما نصُّه: اعلم أنَّه لا شكَّ في مُواظَبةِ النبيّ ﷺ على اعتكافِ العَشْر الأواخرِ من رمضان، لكن قد ثَبَت من الصَّحابة العِظَام تركُ الاعتكاف، ومنهم الخلفاءُ الراشدون، فللاعتكاف نوعُ اختصاصٍ به (٢)، وهو أنَّهُ يَلقَى جبريلَ فيدارسُهُ
_________
_
[الإِسعاف بتحشية الإِنصاف]
(١) قوله (لبحر العلوم): أي أبي العيَّاش مولانا عبد العلي المرحوم، وُلد بمحروسة لكهنؤ، وتلمذ على أبيه أستاذ أساتذة الهند مولانا نظام الدين السِّهالوي اللكنوي، فَرَغ عن تحصيل العلوم وهو ابن سبع عشرة سنة، وله مُصَنَّفات كثيرةٌ، منها: "الأركان الأربع" في الفقه الحنفي، والشَّرح الفارسي للفقهِ الأكبر، ولمنار النسفي، ولمثنوي المعنوي، وحواشي على الزوائد الثلاثة، وشرح السُّلَّم مع مَنهيَّتِهِ، و"العُجَالة النافعة" مع مَنْهِيَّتِها، و"فواتح الرَّحَموت شرح مُسَلَّم الثبوت"، وتكملة شرح أبيه على تحرير ابن الهُمَام، وحاشيته على شرح الصَدر الشيرازي، ورسالة في الصَّرْف، ورسالة في أحوال القيامة، ورسالة في علم الكلام، ورسالة في التوحيد، وغيرها، توفي في رجب سنة ألف ومائتين وخمس وعشرين بأرض مِدْراس، ودُفن هناك، وليُطْلب البَسْط في ترجمته من رسالة الأستاذ المؤلف المسماة بـ "خير العمل في تراجم علماء فرنجي محل"، وهي أحد أجزاء رسالته "إنْباء الخُلَّان بأنْباء علماء هندوستان".
(٢) قوله (فللاعتكافِ نوعُ اختصاص به ...): أقول: هذا غير صحيح من وجهين: الأول: لما عرفتَ من "الفتح" من أنَّ الاعتكاف ليس من خصائص النبيِّ ﷺ والثاني: لما تحقَّق من أنَّ مدار الاعتكاف لم يكن على التدارس؛ لأن جبريلَ =
1 / 32