فَذَهَبَ بعضُ المالكيّة إلى أنَّ الاعتكافَ أمرٌ مباح، وهذا القول ممَّا لا اعتدادَ به.
قال أبو بكر المالكي: قولُ أصحابنا أنَّه جائز (١) جهل.
_________
_
[الإِسعاف بتحشية الإِنصاف]
= الترك إن كان ممَّا واظب عليه الرسول ﷺ والخلفاء الراشدون من بعده فسنَّة، وإلَّا فمندوب. ويُطْلب تفصيل هذا البحث من "السعاية في كَشف ما في شرح الوقاية" (٦) للأستاذ.
(١) قوله (قول أصحابنا أنَّه جائز): قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": ومن كلام مالك (٧) أَخذ بعض أصحابه أنَّ الاعتكاف جائز، وأنكر ذلك عليهم ابن العربي (٨)، وقال: إنه سُنَّةٌ مؤكَّدة، وكذا قال ابن بطَّال: في مواظبة النبي ﷺ عليه ما يدلُّ على تأكُّده (٩)، وقال أبو داود عن أحمد: لا أعلم عن أحدٍ من العلماء خلافًا أنه مسنون (١٠). انتهى.
_________
(٦) ١: ١٦٤ - ١٦٩.
(٧) وهو قوله: "ما رأيت صحابيًّا اعتكف، وقد اعتكف ﷺ حتى قُبض، وهم أشدُّ الناس ... فلم أزل أفكر حتى أخذ بنفسي أنَّه لشدته؛ نهاره وليله سواء؛ كالوصال المنهي عنه مع وصاله المنهي عنه"، نقله ابن رشد في "بداية المجتهد" ١: ٣١٢ وعلَّله بأنَّه كرهه مخافة أنْ لا يوفي بشرطه.
(٨) قال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" ٤: ٣: "وهو سُنَّة وليس ببدعة، ولا يقال فيه: مباح؛ فإنَّه جهلٌ من أصحابنا الذين يقولون في كتبهم: الاعتكاف جائز".
(٩) قال ابن عبد البر في "التمهيد" ٢٣: ٥١ - ٥٢: "في هذا الحديث، أي حديث أبي سعيد الخدري: كان رسول الله ﷺ يعتكف العشر الوسط من رمضان ... وهو من أصح حديث يُروى في هذا الباب، دليل على أن الاعتكاف في رمضان سنَّة مسنونة؛ لأن رسول الله ﷺ كان يعتكف في رمضان، ويواظب على ذلك، وما واظب عليه فهو سنَّة لأمته، وأجمع علماء المسلمين على أنَّ الاعتكاف ليس بواجب، وأن فاعله محمودٌ عليه مأجور فيه. وهكذا سبيل السُّنن كلها ليست بواجبة فرضًا، ألا ترى إلى إجماعهم على قولهم: هذا فرض، وهذا سنَّة، أي هذا واجب، وهذا مندوب إليه، وهذه فريضة، وهذه فضيلة انتهى.
(١٠) فتح الباري ٤: ٢٧٢.
1 / 17