وروي عن عطاء (١)، أن الجهاد إنما كان فرضًا على الصحابة، قيل: يعني على الأعيان، فلما استقرَّ الشرعُ صار على الكفاية، وقال الجمهور: بل كذلك كان فرض القتال على الكفاية في أوّل الإسلام، وحملوا ما وقع في ذلك من التشديد والتعميم على أحوال، وذلك إذا احتيج إلى الجميع، إمَّا لقلة المسلمين، كما كان ذلك في أول الإسلام، أَوْ لما عَسَى أنْ يَعْرض، أوْ يكونَ ذلك خاصًا بأهل النَّفير
_________
= وهذا مذهب أبي عبيد في «الناسخ والمنسوخ» . وقال ابن الجوزي في النَّسْخ: إنه روي عن الحسن وعكرمة، وهذا ليس بصحيح. وذهب إلى إحكام الآيتين، وقال: وقد ذهب إلى إحكام الآيتين، ومنع النسخ جماعة: منهم: ابن جرير، وأبو سليمان الدمشقي، وحكى القاضي أبو يعلى عن بعض العلماء أنهم قالوا: ليس ها هنا نسخ، ومتى لم يقاوم أهل الثغور العدو، ففرض على الناس النفير إليهم، ومتى استغنوا عن إعانة من وراءهم، عذر القاعدون عنهم.
وانظر: «الناسخ والمنسوخ» لأبي عبيد (ص ٢٠٦)، و«الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه» لمكي بن أبي طالب (ص ٣١٤-٣١٥)، و«الناسخ والمنسوخ» لابن العربي (ص ٢٦٣) .
(١) قال النحاس في «الناسخ والمنسوخ» (ص ٣٨): وأما قول عطاء أنها فرض على الصحابة فقول مرغوب عنه، وقد ردَّه العلماء، وعزاه السيوطي في «الدر المنثور» (١/٤٩٣) إلى ابن أبي حاتم، وإلى آدم بن أبي إياس في «تفسيريهما» عن أبي العالية في الآية ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٠]؛ قال: لأصحاب محمد، أمروا بقتال الكفار.
وأخرج أبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (ص ٢٠٤) (رقم ٣٨١) -ومن طريقه الجصاص في «أحكام القرآن» (٤/٣١١) - عن حجاج، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أواجب الغزو على الناس؟ فقال هو وعمرو بن دينار: ما علمناه.
وأخرجه -أيضًا- عبد الرزاق في «المصنف» (٥/١٧١) (رقم ٩٢٧١) .
وقال الجصاص (٤/٣١٢): «وجائز أن يكون قول ... عطاء ... في أن الجهاد ليس بفرض، يعنون به أنه ليس فرضه متعينًا على كل أحد، كالصلاة والصوم، وأنه فرض على الكفاية» .
وأخرجه ابن جرير (٢/١٩٠)، وابن أبي حاتم (١/٣٢٥/رقم ١٧٢٠) عن مجاهد قوله.
وهو مذهب الأوزاعي، نقله عنه الطبري في «التفسير» (٣/٣٨)، وهو أحد قولي الشافعي، والمشهور عنه خلافه، كما هو مذهب الجمهور.
انظر: «الهداية» (٢/١٣٥)، «شرح الدردير» (٢/١٧٣)، «مغني المحتاج» (٤/٢٠٩)، «المغني» (١٠/٣٦٤- مع الشرح الكبير)، «فقه الإمام الأوزاعي» (٢/٤٧١) .
1 / 26