Iman
الإيمان
Editor
محمد ناصر الدين الألباني
Editorial
المكتب الإسلامي،عمان
Edición
الخامسة
Año de publicación
١٤١٦هـ/١٩٩٦م
Ubicación del editor
الأردن
وأيضًا، فإن الله قد جعل ضد الإسلام والإيمان واحدًا، فلولا أنهما كشيء واحد في الحكم والمعني ما كان ضدهما واحدًا فقال: ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ﴾ [آل عمران: ٨٦]، وقال: ﴿أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ٨٠] فجعلَ ضدهما الكفر. قال: وعلى مثل هذا أخبر رسول الله ﷺ عن الإيمان، والإسلام من صنف واحد، فقال في حديث ابن عمر: " بني الإسلام على خمس "، وقال في حديث ابن عباس عن وفد عبد القيس أنهم سألوه عن الإيمان فذكر هذه الأوصاف، فدل بذلك على أنه لا إيمان باطن إلا بإسلام ظاهر، ولا إسلام ظاهر علانية إلا بإيمان سر، وأن الإيمان والعمل قرينان، لا ينفع أحدهما بدون صاحبه.
قال: فأما تفرقة النبي ﷺ في حديث جبريل بين الإيمان والإسلام، فإن ذلك تفصيل أعمال القلوب وعقودها على ما توجب هذه المعاني، التي وصفناها أن تكون عقودًا من تفصيل أعمال الجوارح، مما يوجب الأفعال الظاهرة التي وصفها أن تكون علانية، لا أن ذلك يفرق بين الإسلام والإيمان في المعنى باختلاف وتضاد، ليس فيه دليل أنهما مختلفان في الحكم، قال: ويجتمعان في عبد واحد مسلم مؤمن، فيكون ما ذكره من عقود القلب وصف قلبه، وما ذكره من العلانية وصف جسمه.
قال: وأيضًا، فإن الأمة مجتمعة أن العبد لو آمن بجميع ما ذكره من عقود القلب في حديث جبريل من وصف الإيمان ولم يعمل بما ذكره من وصف الإسلام أنه لا يسمى مؤمنًا، وأنه إن عمل بجميع ما وصف به الإسلام ثم لم يعتقد ما وصفه من الإيمان أنه لا يكون مسلمًا، وقد أخبر النبي ﷺ أن الأمة لا تجتمع على ضلالة.
قلت: كأنه أراد بذلك إجماع الصحابة ومن اتبعهم، أو أنه لا يسمى مؤمنًا في الأحكام، وأنه لا يكون مسلمًا إذا أنكر بعض هذه الأركان، أو علم أن الرسول أخبر بها ولم يصدقه، أو أنه لم ير خلاف أهل الأهواء خلافًا، وإلا فأبو طالب كان عارفا بأقوالهم، وهذا والله أعلم مراده، فإنه عقد الفصل الثالث
1 / 263