وأما علي فلا ريب أنه قاتل معه طائفة من السابقين الأولين، كسهل بن حنيف، وعمار بن ياسر. لكن الذين لم يقاتلوا معه كانوا أفضل؛ فإن سعد بن أبي وقاص لم يقاتل معه، ولم يكن قد بقي من الصحابة بعد علي أفضل منه. وكذلك محمد بن مسلمة من الأنصار، وقد جاء في الحديث: ”أن الفتنة لا تضره“(¬1) فاعتزل. وهذا مما استدل به على أن القتال كان قتال فتنة بتأويل، لم يكن من الجهاد الواجب ولا المستحب.
وعلي - ومن معه - أولى بالحق من معاوية وأصحابه ، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”تمرق مارقة على خير فرقة من المسلمين، تقتلهم أولى الطائفتين بالحق“(¬2) فدل هذا الحديث على أن عليا أولى بالحق ممن قاتله؛ فإنه هو الذي قتل الخوارج لما افترق المسلمون، فكان قوم معه وقوم عليه. ثم إن هؤلاء الذين قاتلوه لم يخذلوا، بل ما زالوا منصورين يفتحون البلاد ويقتلون الكفار.
Página 57