وفي الصحيح أن غلام حاطب بن أبي بلتعة قال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار. فقال: ”كذبت، إنه شهد بدرا والحديبية“(¬1).
وحاطب هذا هو الذي كاتب المشركين بخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وبسبب ذلك نزل: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة } [الممتحنة: 1] الآية، وكان مسيئا إلى مماليكه، ولهذا قال مملوكه هذا القول، وكذبه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ”إنه شهد بدرا والحديبية“ وفي الصحيح: ”لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة“.
وهؤلاء فيهم من قاتل عليا، كطلحة والزبير، وإن كان قاتل عمار فيهم فهو أبلغ من غيره.
وكان الذين بايعوه تحت الشجرة نحو ألف وأربعمائة، وهم الذين فتح الله عليهم خيبر، كما وعدهم الله بذلك في سورة الفتح، وقسمها بينهم النبي صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهما، لأنه كان فيهم مائتا فارس، فقسم للفارس ثلاثة أسهم: سهما له، وسهمين لفرسه، فصار لأهل الخيل ستمائة سهم، ولغيرهم ألف ومائتا سهم. هذا هو الذي ثبت في الأحاديث الصحيحة(¬2)، وعليه أكثر أهل العلم، كمالك والشافعي وأحمد وغيرهم. وقد ذهب طائفة إلى أنه أسهم للفارس سهمين، وأن الخيل كانت ثلاثمائة، كما يقول ذلك من يقوله من أصحاب أبي حنيفة.
Página 56