الوجه الثالث: أنه قد ثبت في الصحاح والمساند والتفاسير أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة، وقال رجل من اليهود لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. فقال له عمر: وأي آية هي؟ قال: قوله: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } [المائدة: 3] فقال عمر: إني لأعلم أي يوم نزلت، وفي أي مكان نزلت. نزلت يوم عرفة بعرفة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة. وهذا مستفيض من وجوه آخر، وهو منقول في كتب المسلمين: الصحاح والمساند والجوامع والسير والتفسير وغير ذلك(¬1).
وهذا اليوم كان قبل يوم غدير خم بتسعة أيام؛ فإنه كان يوم الجمعة تاسع ذي الحجة، فكيف يقال: إنها نزلت يوم الغدير؟!.
الوجه الرابع: أن هذه الآية ليس فيها دلالة على علي ولا إمامته بوجه من الوجوه، بل فيها إخبار الله بإكمال الدين وإتمام النعمة على المؤمنين، ورضا الإسلام دينا. فدعوى المدعي أن القرآن يدل على إمامته من هذا الوجه كذب ظاهر.
وإن قال: الحديث يدل على ذلك.
فيقال: الحديث إن كان صحيحا، فتكون الحجة من الحديث لا من الآية. وإن لم يكن صحيحا، فلا حجة في هذا ولا في هذا.
Página 54