Imam Sadiq
ولربما يقال : إن العلم يرفض المعجز اذا كان جاريا على غير النواميس الطبيعية ، لأن به جريا على غير الأسباب العادية ، وكيف يمكن أن تجري الامور على غير أسباب اعتيادية ، والجواب عنه من وجوه :
1 إن القرآن صريح بإتيان الأنبياء بتلك الآيات الخارقة للعادة الجارية على غير النواميس الطبيعية ، مثل سلامة إبراهيم من النار ، وإتيان الطيور له بعد تقطيعها ، وجعل موسى يده بيضاء من غير سوء وعصاه حية تسعى ، وإبراء عيسى الأمراض التي عجز الطب عن إبرائها كالأكمه والأبرص وأعظم منه إحياؤه الموتى ، وخلقه الطير ، الى ما سوى هذه الآيات ، وما قيمة العلم اذا خالف صريح القرآن ، بل لا يكون هذا علما صحيحا لوجود الخطأ في بعض مقدماته.
2 إن هذه الآيات إن كانت ممكنة في حد ذاتها فلأي شيء نجحدها وهي غير مستحيلة ، مع أن الحاجة ماسة إليها ، وقدرة الله تعالى شاملة لا يشوبها نقص ولا عجز ، إنه على كل شيء قدير.
نعم إنما نمنع الأشياء المستحيلة بالذات والعرض كإيجاده لشريك له ، وجمعه بين النقيضين والضدين ، وجعله الدنيا على كبرها في البيضة على صغرها ، لأن المحل غير صالح ، فالنقص من جهة المقدور لا من جهة القدرة ، وأما مثل تكلم الحصا وانشقاق القمر ومشي الشجر ، وما ضارع هذا ، فلا مانع فيه من جهة المحل وقابليته ، ولا من جهة القدرة منه تعالى عليه.
3 اذا أحلنا هذه الآيات عليه تعالى ، فأي شيء يكون المصدق لدعوى الأنبياء النبوة ، واذا جازت النبوة بلا دليل فكل أحد يمكن أن يدعيها ، فأي فرق إذن بين النبي الصادق وبين النبي الكاذب.
واذا قيل : إن النبوغ والذكاء والفصاحة والعلم والأمانة والصدق اذا كانت متوفرة في مدعي النبوة على الوجه الأكمل الذي يمتاز به عن سائر البشر
Página 246