158

فمن جعل هذه القوى فيها إلا من خلقها للمنفعة ، ومن فطن الناس بها إلا من جعل هذا فيها.

إلى أن يقول : واعلم أنه ليس منزلة الشيء على حسب قيمته بل هما قيمتان مختلفتان بسوقين ، وربما كان الخسيس في سوق المكتسب نفيسا في سوق العلم ، فلا تستصغر العبرة في الشيء لصغر قيمته ، فلو فطن طالبو الكيمياء لما في العذرة لاشتروها بأنفس الأثمان وغالوا بها.

* 4

ثم أن المفضل بكر إليه في اليوم الرابع ، فقال له الصادق عليه السلام : يا مفضل قد شرحت لك من الأدلة على الخلق والشواهد على صواب التدبير والعمد في الانسان والحيوان والنبات والشجر وغير ذلك ما فيه عبرة لمن اعتبر ، وأنا أشرح لك الآن الآفات الحادثة في بعض الأزمان التي اتخذها أناس من الجهال ذريعة إلى جحود الخالق والخلق والعمد والتدبير ، وما انكرت المعطلة والمانوية من المكاره والمصائب ، وما أنكروه من الموت والفناء ، وما قاله أصحاب الطبائع ، ومن زعم أن كون الأشياء بالعرض والاتفاق ليتسع ذلك القول في الرد عليهم ، قاتلهم الله أنى يؤفكون.

اتخذ أناس من الجهال هذه الآفات الحادثة في بعض الأزمان كمثل الوباء واليرقان والبرد والجراد ذريعة الى جحود الخلق والتدبير والخالق ، فيقال في جواب ذلك : إنه إن لم يكن خالق ومدبر فلم لا يكون ما هو اكثر من هذا وأفظع؟ فمن ذلك أن تسقط السماء على الأرض وتهوى الأرض فتذهب سفلا ، وتتخلف الشمس عن الطلوع أصلا ، وتجف الأنهار والعيون حتى لا يوجد ماء

Página 161