ومن هذا قول بعضهم وقد سُئل عن حسن الخلق، فقال: بذل الندى وكف الأذى. وهذا الوصف المذكور في القرآن أكمل من هذا، لأنه وصفهم ببذل الندى، واحتمال الأذى. وحسن الخلق يبلغ به العبد درجات المجتهدين في العبادة، كما قال النبي (: " إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم النهار، القائم الليل ". ورؤي بعض السلف في المنام فسئل عن بعض إخوانه الصالحين، فقال: وأين ذلك؟! رُفع في الجنة بحُسن خلقه.
ومما يُندب إلى إلانة القول فيه: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يكون برفق كما قال تعالى في حق الكفار: (وجادِلهم بالتي هيَ أحسنُ)، قال بعض السلف: ما أغضبت أحدًا فقبل منك. وكان أصحاب ابن مسعود إذا رأوا قومًا على ما يُكره يقولون لهم: مهلًا مهلًا بارك الله فيكم. ورأى بعض التابعين رجلًا واقفًا مع امرأة فقال لهما: إن الله يراكما، سترنا الله وإياكما. ودُعي الحسن إلى دعوة، فجيء بآنيةٍ فضةٍ فيها حلواء، فأخذ الحسن الحلواء فقلبها على رغيف وأكل منها، فقال بعض من حضر: هذا نهيٌ في سكون.
ورأى الفضيل رجلًا يعبث في صلاته فزبره، فقال له الرجل: يا هذا!
1 / 84