الموت فتلقاه طاهرًا، فتصلح لمجاورته في دار السلام، وأنت تأبى إلا أن تموت على خبث الذنوب فتحتاج إلى تطهيرها في كير جهنم. يا هذا! أما علمت أنه لا يصلح لقربنا إلا طاهر؟! فإن أردت قربنا ومناجاتنا اليوم فطهر ظاهرك وباطنك لتصلح لذلك، وإن أردت قربنا ومناجاتنا غدًا فطهر قلبك من سوانا لتصلح لمجاورتنا (يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بَنُونَ " إلا مَنْ أتى الله بقلبٍ سليمٍ)، القلب السليم الذي ليس فيه غير محبة الله، ومحبة يحبه الله، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، فما كل أحد يصلح لمجاورة الله تعالى غدًا، ولا كل أحد يصلح لمناجاة الله اليوم، ولا على كل الحالات تحسن المناجاة:
الناسُ من الهوى على أصنافِ ... هذا نقضَ العهدَ وهذا وافي
هيهاتَ مِنَ الكدورِ تبغي الصافي ... ما يصلِحُ للحضرةِ قلبٌ جافي
" السبب الثالث من مكفرات الذنوب ": الجلوس في المساجد بعد الصلوات، والمراد بهذا الجلوس انتظار صلاة أخرى كما في حديث أبي هريرة: " ... وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط ". فجعل هذا من الرباط في سبيل الله ﷿، وهذا أفضل من الجلوس قبل الصلاة لانتظارها، فإن الجالس لانتظار الصلاة ليؤديها ثم يذهب تقصر مدة انتظاره، بخلاف من صلى صلاة ثم جلس ينتظر أخرى فإن مدته تطول، فإن كان كلما صلى صلاة جلس ينتظر ما بعدها استغرق عمره بالطاعة، وكان ذلك بمنزلة الرباط في سبيل الله ﷿.
وفي المسند وسنن ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو قال: صليت مع رسول الله (المغرب، فرجع من رجع، وعقب من عقب، فجاء رسول الله (مسرعًا قد حَفَزه النفَس، وقد حسر عن ركبته فقال: " أبشروا! هذا ربكم قد فتح عليكم بابًا من أبواب السماء يباهي بكم الملائكة، يقول: انظروا إلى
1 / 67