عن معاوية فهو كلام لا يوافق فيه قلبه لسانه وإنما التجأ إليه لبلوغ شناعة حال معاوية عند الخاص والعام ومع هذا مخالف لما سننقله عن ابن حجر المتأخر في صواعقه ولما سبق عن الناصب في تحقيق قوله (ع) لا يزال الإسلام عزيز ما مضى اثنى عشر خليفة كلهم من قريش فإنهم عدوا معاوية من الخلفاء الذين يكون الإسلام بهم عزيز فكيف ينفي الرشد عنه ههنا ويقول لا اهتمام لنا بالذب عنه وإنه من الملوك الذين لا يخلون عن المطاعن دون الخلفاء الراشدين وكيف يكون كذلك مع ما عرفت من اشتراكهم في عدم الرشد بحسب الدين وكون معاوية أرشد بحسب الدنيا وثامنا إن ما ذكر من أن مجرد المباحثة والمعارضة أنفع عند المجادلين من الرفضة مجرد وعوعة ووسوسة جره إليها غلبة هوأ معاوية العاوي وجروه الغاوي ومن أين علم أن ذلك عند الشيعة الرفضة للباطل كذلك من وثاقة براهينهم وضعف شبه أهل السنة أو من اقتصارهم في البحث على ما يسلمه الخصم دون العنديات والمفتريات كما هو دأب خصامهم لا بد لذلك من بيان وتاسعا إن ما ذكره من أن منفعة المباحثة والمجادلة مفقودة في ذكر مطاعن معاوية لأنه لا يعارض أحد في الذب عنه إلى آخره مناف لما قاله الناصب بعد ذلك حيث قال لكن لما ذكر هذا الرجل يعني المصنف قدس سره مطاعن معاوية نتكلم في فصل بما يليق في ذلك الفصل إلى آخره ولو سلم فقد هذه المنفعة ففيه منفعة أخرى أتم من ذلك وهي أن معاوية من جملة منصوبات المشايخ الثلاثة وثمرات تربتهم فالطعن عليه يرجع إلى الطعن عليهم وكيف لا يكون كذلك والحال إنهم مع علمهم بفسقه وخروجه عن سيرة النبي (ص) إلى سيرة الأكاسرة والفاجرة مكنوه من الإمارة حذرا عن تطرق الخلل من فتنة على خلافتهم ويؤيد ما ذكرناه ما ذكره صاحب الاستيعاب من أنه لما دخل عمر الشام ورأى معاوية قال هذا كسرى العرب وكان قد تلقاه في موكب عظيم وذكر أيضا أنه ذم معاوية عند عمر فقال دعونا من ذم فتى قريش انتهى فتأمل فيه وعاشرا إن ما ذكره من أن ذكر مطاعن معاوية محض الغيبة الضارة مع ما عرفت من عدم تمحضه مردود بأنه لا يكون ضارة إذ لا غيبة لفاسق شرعا والحادي عشر إن ما ذكره من قوله (ص ) لا تذكروا موتاكم إلا بالخير مسلم صحته لكن معاوية وأضرابه ليسوا من موتانا بل من موتى أهل الجاهلية لبغيه وعصيانه وعدم معرفته لإمام زمانه وقد صح عن الطريقين أنه قال (ص) من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ويؤيد هذا ما روي من أنه لما قتل معاوية حجر بن عدي وإخوانه من أصحاب أمير المؤمنين (ع) قال للحسين (ع) على طريقة الشماتة إنا قتلنا حجرا وأصحابه من شيعتكم وغسلناهم وكفناهم ودفناهم فقال الحسين (ع) إنا إذا قتلنا شيعتك يا معاوية ما غسلناهم ولا كفناهم ولا صلينا عليهم ولا دفناهم فافهم وأيضا لفظ الخير في قوله (ص) لا تذكروا موتاكم إلا بالخير أعم من أن يكون خيرا لنا ولهم وذكر المنافقين والفاسقين بما صدر عنهم من الفساد والبغي والعناد خير لنا ليحصل الاحتراز عن اقتفاء آثارهم ويرتفع الثقة على رواياتهم وأخبارهم إلى غير ذلك مما علل به علماء الجرح والتعديل والله الهادي إلى سواء السبيل قال المصنف رفع الله درجته ومنها ما رواه أبو المنذر هشام بن محمد بن السايب الكلبي في كتاب المثالب فقال كان معاوية لأربعة لعمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي ولمسافر بن عمر ولأبي سفيان ولرجل آخر سماه قال وكانت هند أمه من المعلمات وكان أحب الرجال إليه السودان وكانت إذا ولدت أسود قتلته وأما حمامة فهي بعض جدات معاوية كان لها راية بذي المجاز يعني من ذي الغايات في الزنا وادعى معاوية أخوة زياد وكان له مدع يقال له أبو عبيد عبد بني علاج من ثقيف فأقدم معاوية على تكذيب ذلك مع أن الرجل زياد أولد على فراشه وادعى معاوية أن أبا سفيان زنا بوالدة زياد وهي عند زوجها المذكور وأن زيادا من أبي سفيان فانظر إلى هذا الرجل بل إلى القوم الذين يعتقدون فيه الخلافة وأنه حجة الله في أرضه والواسطة بينهم وبين ربهم وينقلون عنه أنه ولد زنا وأن أباه زنى بأخته هل يقاس بمن قال الله تعالى في حقه إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول إن ما اتفق عليه الأمة بلا نزاع أن تشيع الفاحشة ونشرها قبيح شرعا ويستقبحه العقول السليمة سيما ما كان من أمر الجاهلية فإن أنكحة الجاهلية لا ندري كيف جرت والأنساب في الجاهلية لا اعتداد بها لأن أنكحتهم لم يكن معتبرة وهذه أشياء قد نهى الله ورسوله عن نشرها والقذف بالزنا قبيح لأي شخص كان ولا ندري ما غرض هذا الرجل من نشر هذه الأمور وما قذف هند فهي لا نزاع إنها أسلمت يوم الفتح فقذفها يوجب الحد بلا شبهة وهو من الكبائر بلا نزاع سيما أن ما ذكره غير موافق لصحاح التواريخ وحقيقة خبر هند كما ذكره أرباب صحاح التواريخ وذكر الميداني في كتاب مجمع الأمثال وغيره من علماء التواريخ أن هندا قبل أن تزوج بأبي سفيان كانت متزوجة برجل من صناديد قريش لا أدري الآن إن كان مسافر بن عمرو أو غيره فذهب زوجه يوما يصطاد وكان يوما شديدا القيظ والحر فخرجت هند من البيت ونامت في ساحة الدار فرجع زوج هند فرآها مضطجعة في ساحة الدار والرجل راقد بقربها فأخذه الغيرة فقالت هند ما شعرت بهذا الرجل وإنه متى دخل الدار فوقعت بينهما منازعة وشقاق ورفعا أمرهما إلى الكاهن فحكم لهند وأنها برأة مما يقذفها الزوج به وقال الكاهن إن هذه المرأة ستلد ملكا عظيما يبلغ حكمه المشارق والمغارب فحلفت هند أن لا تلد هذا الملك من ذلك الزوج وسألت طلاقها وأخذت منه الطلاق ثم تزوجت بأبي سفيان فولدت له معاوية هذا ما ذكروه من أمر هند وأما ما ذكر أن معاوية ادعى أخوة زياد فتفصيل هذه الرواية على ما ذكره المؤرخون وذكره ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وذكره ابن الجوزي في تاريخه أن زيادا ولد على فراش عبيد الثقفي وكان أبو سفيان يدعي أنه ولد في الجاهلية على عادتهم في إلحاق الأولاد فلما جاء الإسلام ونهى عن الالحاق ترك أبو سفيان ذلك الدعوى وكان زياد رجلا رشيدا شجاعا نجيبا فبعثه عمر بن الخطاب أيام خلافته لبعض الأعمال إلى اليمن فعمل فيها عملا جيدا فلما رجع من اليمن كان يقص قصته في عمله على عمر بن الخطاب وتكلم على قوانين العقل بالكلام الجيد فقال عمرو بن العاص لله در أبيه لو كان هذا الغلام من قريش لساق العرب بعصاه فقال أبو سفيان أنا أعلم من وضع مائه عند أمه فقال أمير المؤمنين علي (ع) إتق الله يا أبا سفيان ولا ترجع إلى الجاهلية فلم يذكر أبو سفيان شيئا بعد ما قال له أمير المؤمنين هذا الكلام ثم لما كان زمن علي بن أبي طالب بعث زياد أميرا على آذربيجان فكتب إليه معاوية يستخلفه ويسترضيه فكتب أمير المؤمنين إلى زياد أن لا تميل إلى استمالة معاوية وكتب فيه أن ذلك نزغة من نزغات الشيطان ألقاها أبي سفيان وم يثبت به نسب فقال زياد والله لقد شهد به ثم لما بلغ الخلافة إلى معاوية بعث إلى الكوفة واستخلف زيادا وهذا من قبايح الأمور الصادرة عن معاوية ولا يعتذر له لأنه كان من الملوك
Página 263