ويثير البغضاء ولا فائدة في ذكره وأما ما ذكره من مطاعن معاوية فلا اهتمام لنا أصلا بالذب عنه فإنه لم يكن من الخلفاء الراشدين حتى يكون الذب عنه موجبا لإقامة سنة الخلفاء وذب الطعن عن حريمهم ليقتدوا بهم الناس ولا يشكوا في كونهم الأئمة لأن معظم الإسلام منوط بآرائهم فإنهم كانوا خلفاء النبوة ووارثي العلم والولاية وأما معاوية فإنه كان من ملوك الإسلام والملوك في أعمالهم لا يخلون عن المطاعن ولكن كف اللسان عنه أولى لأن ذكر مطاعنه لا يتعلق به فائدة ما أصلا فإن ذكر مطاعن الخلفاء ينفع الرفضة وأقل المنافع أنه يصير سببا للمباحثة والمعارضة التي هي أنفع المنافع عند المجادلين من الرفضة وهذه المنفعة مفقودة في ذكر مطاعن معاوية لأنه لم يعارض أحد في الذب عنه فذكر مطاعنه محض الغيبة الضارة وقد قال رسول الله (ص) لا تذكوا موتاكم إلا بالخير لكن لما ذكر هذا الرجل مطاعنه ونحن لا نريد أن نترك شيئا مما ذكره نذكر مطاعنه ونتكلم في كل فصل بما يليق في ذلك الفصل من الكلام فنقول ما ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ويح عمار يقتله الفئة الباغية فهذا حديث صحيح ولا شك أنه قتل في حرب صفين ولا شك أن أصحاب معاوية قتلوه وهم الفئة الباغية ولا نزاع في هذا انتهى وأقول أولا إن ما ذكره من أن معاوية كان كاتب الوحي غير مسلم وإنما كان كاتب الصدقات كما لا حققه حافظ ابرو من الشافعية في تاريخه المشهور ولنعم ما قال الشيخ العارف سناني الغزوني قدس الله سره نظم؟؟؟ وثانيا إنه أجمل وأخل في شرح حال معاوية وحكومته وما هو منشأ ذلك لأنه لو فصل الكلام فيه كما هو حقه لظهر منه الطعن على الخلفاء الثلاثة وذلك لأن الباعث لأبي بكر في تولية يزيد بن أبي سفيان كان عند خلافة أبي بكر منكرا لخلافته وفي صدر ثوران الفتنة عليه حتى قال لعلي عليه السلام أرضيتم يا بني هاشم أن يلي عليكم تيمي رذل والله لئن أمرت لأملأن الوادي خيلا ورجلا فخاف أبو بكر وصاحبه عمر فاستمالوه بتفويض ولاية الشام إلى ابنه يزيد حتى سكت وكذا أمضى عمر ذلك له ولأخيه معاوية حفظا لرياسته الفاسدة فجميع المفاسد المترتبة على حكومة معاوية من البغي والعدوان إنما هو من بركة البرامكة وثالثا إن ما ذكره من عزل أمير المؤمنين (ع) معاوية عند خلافته وما نقله من نصيحة ابن عباس له في كفه عن عزل معاوية وعدم استماع الأمير لذلك فيه إخلال وإهمال حيث نسب النصيحة الصادرة عن مغيرة بن شعبة إلى ابن عباس ولم يذكر ما أجاب به أمير المؤمنين عليه السلام في إبطال تلك النصيحة ليوقع في أوهام العوام إن عدم قبوله (ع) لتلك النصيحة كان من غير وجه وحجة وعن محض العناد والاستبداد برأيه ولئلا يظهر من ذكره الطعن على الخلفاء الثلاثة بإخلالهم في الدين في تفويض الولاية إلى ذلك الفاسق وقد تضمن أكثر ما ذكرناه ما رواه صاحب الاستيعاب في ترجمة مغيرة بن شعبة حيث قال لما قتل عثمان وبايع الناس عليا كرم الله وجهه ودخل عليه المغيرة بن شعبة فقال يا أمير المؤمنين إن لك عندي نصيحة قال وما هي قال إن أردت أن يستقيم لك الأمر فاستعمل طلحة بن عبيد الله على الكوفة والزبير بن العوام على البصرة وابعث معاوية بعهده على الشام حتى يلزمه طاعتك فإذا استقرت لك الخلافة فأدرها كيف شئت برأيك فقال علي كرم الله وجهه أما طلحة والزبير فسأرى رأيي فيهما وأما معاوية فلا والله لا أرى الله مستعملا له ولا مستعينا به ما دام على حاله ولكني أدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه المسلمون فإن أبى حاكمته وانصرف عنه المغيرة مغضبا لما لم يقبل عنه نصيحة فلما كان الغد أتاه فقال يا أمير المؤمنين نظرت فيما قلت لك بالأمس وما جاوبتني فيه فرأيت أنك وفقت للخير وطلب الحق ثم خرج عنه فلقيه الحسن (رض) وهو خارج فقال لأبيه ما قال لك هذا الأعور قال أتاني أمس بكذا وأتاني اليوم بكذا قال نصح لك والله أمس وخدعك اليوم فقال علي كرم الله وجهه إن أقررت معاوية على ما في يده كنت متخذ المضلين عضدا انتهى وبالجملة أن أمير المؤمنين (ع) إنما عزل معاوية في أول خلافته لقيام الحجة عليه من الله تعالى بظهور تهيؤه لإطفاء نايرة معاوية ودفع فساده لكن لسوء اختيار الأمة سيما قريش وأتباعهم خرج الأمر آخرا عن الضبط وكثير ما لا يبقى آخر الأمور على وفق ما طلب بأوايلها بل ينسل عن الضبط خصوصا إذا أراد الله سبحانه استدراج المبطل وابتلاء المحق وأزلامه إلى جوار قدسه ورابعا إن ما ذكره من أن بعد قتل عثمان ذهب مروان ونايلة بنت الفرافضة زوجة عثمان إلى الشام إلى آخره مخالف لما ذكرنا آنفا عن صاحب الاستيعاب من أن مروان قد ذهب قريبا من ذلك مع رؤساء الجمل إلى البصرة وكذا مخالف لما ذكر في روضة الأحباب حيق قال؟؟؟
انتهى وخامسا إن ما ذكره من أن الخارجين على علي (ع) لما كانوا أصحاب رسول الله (ص) ينبغي أن يحفظ اللسان عنهم غير محفوظ عن كلم اللسان لأن كرامة صحبة رسول الله (ص) إنما يعتبر إذا حافظوا على مراسم دينه وأما إذا خالفوها بالخروج عن دينه ومخالفة كتاب الله وقرينه فاللايق بحال المؤمن أن يعامل معهم معاملته مع الشيطان من إنكارهم إياه بالقلب واللسان وتلقيهم بالطعن واللعان ولنعم ما أجرى الله تعالى على لسان الناصب حيث قال ينبغي أن يحفظ اللسان عنهم دون أن يقول ينبغي أن يحفظهم عن اللسان ويقرب من هذا ما رواه صاحب المعجم عن عبد الرزاق بن همام الصنعاني من قدماء محدثي أهل السنة حيث قال قد ذكر بعضهم معاوية في مجلسه فقال عبد الرزاق له لا تعذروا مجلسنا بذكر ولد أبي سفيان وسادسا إن ما ذكر من أن ذكر ما جرى بين الصحابة يورث الشحناء ويثير البغضاء ولا فايدة في ذكره مدخول بأن الشيعة يتوقعون الثواب في عد مفاسد الشياطين والداخلين في حربهم من الفراعنة والسلاطين ولا يفعلون ذلك عدوا بغير علم فمن قابلهم في ذلك بالبغضاء والشحناء يكون اللوم عليه وهل هذا إلا مثل أن يقال لا تعدوا معايب الكفار ولا يذكروا جرح الرجال لأنه يورث الشحناء والبغضاء وأما ما ذكره من أنه لا فايدة في ذكره فظاهر البطلان لظهور أن في ذكره فايدة احتراز الناس عن متابعتهم والدخول في ضلالتهم إلى غير ذلك مما قيل في شرعية الجرح والتعديل والله الهادي إلى سواء السبيل وسابعا إن ما ذكره من أنه لا اهتمام له ولأصحابه من أهل السنة بالذب
Página 262