Alivio del angustiado respecto al juicio sobre el divorcio en estado de ira

Ibn Qayyim al-Jawziyya d. 751 AH
43

Alivio del angustiado respecto al juicio sobre el divorcio en estado de ira

إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان

Investigador

عبد الرحمن بن حسن بن قائد

Editorial

دار عطاءات العلم (الرياض)

Número de edición

الخامسة

Año de publicación

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Ubicación del editor

دار ابن حزم (بيروت)

القصد والإرادة له، فلم يكن قلبه منفتحًا لإرادة القول والفعل الذي أُكْرِه عليه، ولا لاختيارِهما، فليسَ مُطْلَقَ (^١) الإرادة والاختيار، بحيث إن شاء طَلَّقَ وإن شاء لم يُطَلِّقْ، وإن شاء تكلَّم وإن شاء لم يتكلَّم، بل أُغْلِق عليه بابُ الإرادة إلا لِلَّذي قد أُكْرِهَ عليه. ولهذا قال النبي ﷺ: "لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكنْ لِيَعْزِمْ المسألة؛ فإن الله لا مكْرِه له" (^٢). فبيَّن النبي ﷺ أن الله لا يفعل إلا إذا شاء، بخلاف المكرَه الذي يفعل ما لا يشاؤه، فإنه لا يُقال: يَفْعَل ما يشاء، إلا إذَا كان مُطْلَق الدواعي، وهو المختار، فأما من أُلْزِمَ بفعل معيَّن، فلا. ولهذا يُقال: المكرَه غير مختار. ويُجْعَلُ قَسِيم المختار، لا قِسْمًا منه. ومَنْ سَمَّاهُ مختارًا فإنه يعني أن له إرادة واختيارًا بالقصد الثاني، فإنه يُرِيد الخَلاصَ من الشرّ، ولا خلاص له إلا بفعل ما أُكرِهَ عليه، فصار مريدًا له بالقصد الثاني لا بالقصد الأول. والغضبانُ الذي يمنعه الغضب من معرفةِ ما يقولُ وقصدِه، فهذا مِنْ أعظم الإغلاق، وهو في هذا الحال بمنزلة المبَرْسَمِ والمجنون والسكران، بل أسوء حالًا من السكران؛ لأن السكران لا يقتل نفسه، ولا يلْقِي ولده من علو، والغضبان يفعل ذلك، وهذا لا يتوجَّه فيه نزاعٌ أنه لا يقع طلاقه، والحديثُ يتناول هذا القسم قطعًا.

(^١) خبر "ليس". (القاسمي). (^٢) رواه البخاري [(٥٩٨٠)] عن أبي هريرة. (القاسمي).

1 / 19