وإذا كان غرض المخبر بخبره إفادة المخاطب أحد الأمرين، فينبغي أن يقتصر من التركيب على قدر الحاجة:
١- فإن كان المخاطب خالي الذهن من الحكم١ -بأحد طرفي الخبر على الآخر- والتردد فيه استغنى عن مؤكدات الحكم كقولك: جاء زيد، وعمرو ذاهب، فيتمكن في ذهنه، لمصادفته إياه خاليًا.
٢- وإن كان متصورًا لطرفية٢، مترددًا في إسناد أحدهما إلى الآخر، طالبًا له، حسن تقويته بمؤكد٣، كقولك لزيد عارف أو أن زيدًا عارف.
_________
١ المراد بالحكم كما سبق الاعتقاد ولو غير جازم: وخلو الذهن من لازم الحكم مثل خلوه من الحكم في ترك التأكيد. والضمير في قوله. "والتردد فيه" للحكم بمعنى وقوع النسبة أو لا وقوعها، ففي الكلام استخدام؛ لأن التردد ليس في الحكم بمعنى التصديق.. والمراد أن المخاطب ليس عالمًا بوقوع النسبة أو لا وقوعها وليس مترددًا في أن النسبة هل هي واقعة أو لا.
٢ أي طرفي الحكم وهما المسند والمسند إليه.
٣ أي بأداة تأكيد واحدة، ليزيل ذلك المؤكد تردده ويتمكن الحكم في نفسه.
هذا والمواد بالخالي من يخلو ذهنه، عن التصديق بالنسبة الحكمية فيما بين طرفي الجملة الخبرية وعن تصور تلك النسبة.. والمراد بالمتردد من تصور تلك النسبة الحكمية ولم يصدق بشيء من وقوعها وعدم وقوعها ... وبالمنكر من صدق بما ينافي مضمون الجملة الملقاة إليه.
واعتبار هذه الأحوال في المخاطب وإيراد الكلام على الوجوه المذكورة بالقياس إلى فائدة الخبر أعني الحكم ظاهر، وأما بالقياس إلى لازمها فيمكن اعتبار الخلو وتجرد الجملة عن المؤكد، وأما اعتبار التردد والإنكار على الوجه المذكور فلا يجري في اللازم.
1 / 69