44

Ictisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Investigador

سليم بن عيد الهلالي

Editorial

دار ابن عفان

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Ubicación del editor

السعودية

[الْبَابُ الثَّانِي فِي ذَمِّ الْبِدَعِ وَسُوءِ مُنْقَلَبِ أَصْحَابِهَا] [الْأَدِلَّةُ مِنَ النَّظَرِ عَلَى ذَمِّ الْبِدَعِ] لَا خَفَاءَ أَنَّ الْبِدَعَ مِنْ حَيْثُ تَصَوُّرِهَا يَعْلَمُ الْعَاقِلُ ذَمَّهَا، لِأَنَّ اتِّبَاعَهَا خُرُوجٌ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَرَمْيٌ فِي عَمَايَةٍ. وَبَيَانُ ذَلِكَ: مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ، وَالنَّقْلِ الشَّرْعِيِّ الْعَامِّ. أَمَّا النَّظَرُ فَمِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِالتَّجَارِبِ وَالْخِبْرَةِ السَّارِيَةِ فِي الْعَالَمِ مِنْ أَوَّلِ الدُّنْيَا إِلَى الْيَوْمِ أَنَّ الْعُقُولَ غَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ بِمَصَالِحِهَا، اسْتِجْلَابًا لَهَا، أَوْ مَفَاسِدِهَا، اسْتِدْفَاعًا لَهَا. لِأَنَّهَا إِمَّا دُنْيَوِيَّةٌ أَوْ أُخْرَوِيَّةٌ. فَأَمَّا الدُّنْيَوِيَّةُ; فَلَا يُسْتَقَلُّ بِاسْتِدْرَاكِهَا عَلَى التَّفْصِيلِ أَلْبَتَّةَ، لَا فِي ابْتِدَاءِ وَضْعِهَا أَوَّلًا، وَلَا فِي اسْتِدْرَاكِ مَا عَسَى أَنْ يَعْرِضَ فِي طَرِيقِهَا، إِمَّا فِي السَّوَابِقِ، وَإِمَّا فِي اللَّوَاحِقِ، لِأَنَّ وَضْعَهَا أَوَّلًا لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِتَعْلِيمِ اللَّهِ تَعَالَى; لِأَنَّ آدَمَ ﵇ لَمَّا أُنْزِلَ إِلَى الْأَرْضِ عَلِمَ كَيْفَ يَسْتَجْلِبُ مَصَالِحَ دُنْيَاهُ، إِذْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ مَعْلُومِهِ أَوَّلًا، إِلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ تَحْتَ مُقْتَضَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ [البقرة: ٣١]، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ تَعْلِيمًا غَيْرَ عَقْلِيٍّ، ثُمَّ تَوَارَثَتْهُ ذُرِّيَّتُهُ كَذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ، لَكِنْ

1 / 61