Ictisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Editor
سليم بن عيد الهلالي
Editorial
دار ابن عفان
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Ubicación del editor
السعودية
يُوضَعْ سَبَبًا لِذَلِكَ، كَمَا وُضِعَتْ صِلَةُ الرَّحِمِ سَبَبًا فِي الزِّيَادَةِ فِي الْعُمُرِ مَثَلًا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ، بَلِ النَّذْرُ وَعَدَمُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ؛ بِشَرْعِيَّةِ الْوَفَاءِ بِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ﴾ [النحل: ٩١]، وَقَوْلِهِ ﷺ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ»، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ؛ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ.
وَوَجْهُ النَّهْيِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّشْدِيدِ عَلَى النَّفْسِ، وَهُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ الِاسْتِشْهَادُ عَلَى كَرَاهَتِهِ.
وَإِمَّا عَلَى جِهَةِ الِالْتِزَامِ غَيْرِ النَّذْرِيِّ؛ فَكَأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْوَعْدِ، وَالْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ مَطْلُوبٌ، فَكَأَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مَا لَمْ يُوجِبْهُ عَلَيْهِ الشَّرْعُ، فَهُوَ تَشْدِيدٌ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ يَأْتِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ، حَدِيثِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ أَتَوْا يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ ﷺ، لِقَوْلِهِمْ: أَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ. . . . إِلَخْ؟!، وَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَفْعَلُ كَذَا. . . . إِلَخْ.
وَنَحْوُهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَخْبَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ﵄ يَقُولُ: لَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ وَلَأَصُومَنَّ النَّهَارَ مَا عِشْتُ»، وَلَيْسَ بِمَعْنَى النَّذْرِ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ؛ لَمْ يَقُلْ لَهُ: صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، صُمْ كَذَا، وَلَقَالَ لَهُ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ؛ لِأَنَّهُ ﷺ قَالَ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ».
فَأَمَّا الِالْتِزَامُ بِالْمَعْنَى النَّذْرِيِّ؛ فَلَا بُدَّ مِنَ الْوَفَاءِ بِهِ وُجُوبًا لَا نَدْبًا،
1 / 384