36

Ictisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Editor

سليم بن عيد الهلالي

Editorial

دار ابن عفان

Edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Ubicación del editor

السعودية

الشَّرِيعَةِ، وَإِذَا ثَبَتَ جُزْئِيٌّ فِي الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ، ثَبَتَ مُطْلَقُ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ.
فَعَلَى هَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَمَّى عِلْمُ النَّحْوِ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ عُلُومِ اللِّسَانِ أَوْ عِلْمُ الْأُصُولِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْعُلُومِ الْخَادِمَةِ لِلشَّرِيعَةِ، بِدْعَةً أَصْلًا.
وَمَنْ سَمَّاهُ بِدْعَةً: فَإِمَّا عَلَى الْمَجَازِ; كَمَا سَمَّى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ قِيَامَ النَّاسِ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ بِدْعَةً، وَإِمَّا جَهْلًا بِمَوَاقِعِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ، فَلَا يَكُونُ قَوْلُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مُعْتَدًّا بِهِ وَلَا مُعْتَمَدًا عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِّ: " تُضَاهِي الشَّرْعِيَّةَ " ; يَعْنِي أَنَّهَا تُشَابِهُ الطَّرِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ فِي الْحَقِيقَةِ كَذَلِكَ، بَلْ هِيَ مُضَادَّةٌ لَهَا مِنْ أَوْجُهٍ مُتَعَدِّدَةٍ:
مِنْهَا: وَضَعُ الْحُدُودِ; كَالنَّاذِرِ لِلصِّيَامِ قَائِمًا لَا يَقْعُدُ، ضَاحِيًا لَا يَسْتَظِلُّ، وَالِاخْتِصَاصُ فِي الِانْقِطَاعِ لِلْعِبَادَةِ، وَالِاقْتِصَارُ مِنَ الْمَأْكَلِ وَالْمَلْبَسِ عَلَى صِنْفٍ دُونَ صِنْفٍ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ.
وَمِنْهَا: الْتِزَامُ الْكَيْفِيَّاتِ وَالْهَيْئَاتِ الْمُعَيَّنَةِ، كَالذِّكْرِ بِهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ، وَاتِّخَاذُ يَوْمِ وِلَادَةِ النَّبِيِّ ﷺ عِيدًا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: الْتِزَامُ الْعِبَادَاتِ الْمُعَيَّنَةِ فِي أَوْقَاتٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يُوجَدْ لَهَا ذَلِكَ التَّعْيِينُ فِي الشَّرِيعَةِ، كَالْتِزَامِ صِيَامِ يَوْمِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَقِيَامِ لَيْلَتِهِ.
وَثَمَّ أَوْجُهٌ تُضَاهِي بِهَا الْبِدْعَةُ الْأُمُورَ الْمَشْرُوعَةَ، فَلَوْ كَانَتْ لَا تُضَاهِي الْأُمُورَ الْمَشْرُوعَةَ لَمْ تَكُنْ بِدْعَةً، لِأَنَّهَا تَصِيرُ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ الْعَادِيَّةِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ صَاحِبَ الْبِدْعَةِ إِنَّمَا يَخْتَرِعُهَا لِيُضَاهِيَ بِهَا السُّنَّةَ حَتَّى

1 / 53