Ictisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Investigador
سليم بن عيد الهلالي
Editorial
دار ابن عفان
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Ubicación del editor
السعودية
ذَلِكَ، وَهُوَ صَحِيحٌ مَلِيحٌ.
وَالثَّانِي: يَرْجِعُ إِلَى النَّظَرِ فِي الْكَرَامَاتِ، وَخَوَارِقِ الْعَادَاتِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِمَّا هُوَ خَارِقٌ فِي الْحَقِيقَةِ أَوْ غَيْرُ خَارِقٍ، وَمَا هُوَ مِنْهَا يَرْجِعُ إِلَى أَمْرٍ نَفْسِيٍّ أَوْ شَيْطَانِيٍّ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهَا. . . فَهَذَا النَّظَرُ لَيْسَ بِبِدْعَةٍ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِبِدْعَةٍ النَّظَرُ فِي الْمُعْجِزَاتِ وَشُرُوطِهَا، وَالْفَرْقِ بَيْنَ النَّبِيِّ وَالْمُتَنَبِّي، وَهُوَ مِنْ عِلْمِ الْأُصُولِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُهُ.
وَالثَّالِثُ: مَا يَرْجِعُ إِلَى النَّظَرِ فِي مُدْرَكَاتِ النُّفُوسِ؛ مِنَ الْعَالِمِ الْغَائِبِ، وَأَحْكَامِ التَّجْرِيدِ النَّفْسِيِّ، وَالْعُلُومِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَالَمِ الْأَرْوَاحِ، وَذَوَاتِ الْمَلَائِكَةِ وَالشَّيَاطِينِ، وَالنُّفُوسِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَالْحَيَوَانِيَّةِ. . . وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
وَهُوَ بِلَا شَكٍّ بِدْعَةٌ مَذْمُومَةٌ إِنْ وَقَعَ النَّظَرُ فِيهِ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ بِقَصْدِ جَعْلِهِ عِلْمًا يُنْظَرُ فِيهِ وَفَنًّا يُشْتَغَلُ بِتَحْصِيلِهِ بِتَعَلُّمٍ أَوْ رِيَاضَةٍ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ فِي السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ نَظَرٌ فَلْسَفِيٌّ، إِنَّمَا يَشْتَغِلُ بِاسْتِجْلَابِهِ وَالرِّيَاضَةِ لِاسْتِفَادَتِهِ أَهْلُ الْفَلْسَفَةِ، الْخَارِجُونَ عَنِ السُّنَّةِ، الْمَعْدُودُونَ فِي الْفَرْقِ الضَّالَّةِ، فَلَا يَكُونُ الْكَلَامُ فِيهِ مُبَاحًا؛ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ.
نَعَمْ؛ قَدْ يَعْرِضُ مِثْلُهُ لِلسَّالِكِ، فَيَتَكَلَّمُ فِيهِ مَعَ الْمُرَبِّي، حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْ طَرِيقِهِ، وَيُبْعِدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرِيقِهِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إِمَالَةِ مَقْصِدِ السَّالِكِ إِلَى أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ؛ زِيَادَةً إِلَى الْخُرُوجِ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ بِتَتَبُّعِهِ وَالِالْتِفَاتِ إِلَيْهِ، إِذِ الطَّرِيقُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْإِخْلَاصِ التَّامِّ بِالتَّوَجُّهِ الصَّادِقِ، وَتَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ عَنْ الِالْتِفَاتِ إِلَى الْأَغْيَارِ، وَفَتْحِ بَابِ الْكَلَامِ فِي هَذَا الضَّرْبِ مُضَادٌّ لِذَلْكِ كُلِّهِ.
1 / 268