149

Ictisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Editor

سليم بن عيد الهلالي

Editorial

دار ابن عفان

Edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Ubicación del editor

السعودية

وَقَالَ: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ [الكهف: ١٠٣].
وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِخِفَّةٍ يَجِدُونَهَا فِي ذَلِكَ الِالْتِزَامِ، وَنَشَاطٍ بِدَاخِلِهِمْ; يَسْتَسْهِلُونَ بِهِ الصَّعْبَ، بِسَبَبِ مَا دَاخَلَ النَّفْسَ مِنَ الْهَوَى، فَإِذَا بَدَا لِلْمُبْتَدِعِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، رَآهُ مَحْبُوبًا عِنْدَهُ; لِاسْتِبْعَادِهِ لِلشَّهَوَاتِ وَعَمَلِهِ مِنْ جُمْلَتِهَا، وَرَآهُ مُوَافِقًا لِلدَّلِيلِ عِنْدَهُ، فَمَا الَّذِي يَصُدُّهُ عَنِ الِاسْتِمْسَاكِ بِهِ وَالِازْدِيَادِ مِنْهُ؟ وَهُوَ يَرَى أَنَّ أَعْمَالَهُ أَفْضَلُ مِنْ أَعْمَالِ غَيْرِهِ، وَاعْتِقَادَاتِهِ أَوْفَقُ وَأَعْلَى؟! أَفَيُفِيدُ الْبُرْهَانُ مَطْلَبًا؟ ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [المدثر: ٣١].
[الْمُبْتَدِعُ يُلْقَى عَلَيْهِ الذُّلُّ فِي الدُّنْيَا وَالْغَضَبُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى]
وَأَمَّا أَنَّ الْمُبْتَدِعَ يُلْقَى عَلَيْهِ الذُّلُّ فِي الدُّنْيَا وَالْغَضَبُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى:
فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ﴾ [الأعراف: ١٥٢] ; حَسْبَمَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ; لِأَنَّ الْمُتَّخِذِينَ لِلْعِجْلِ إِنَّمَا ضَلُّوا بِهِ حَتَّى عَبَدُوهُ، لِمَا سَمِعُوا مِنْ خُوَارِهِ، وَلِمَا أَلْقَى إِلَيْهِمُ السَّامِرِيُّ فِيهِ، فَكَانَ فِي حَقِّهِمْ شُبْهَةً خَرَجُوا بِهَا عَنِ الْحَقِّ الَّذِي كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ﴾ [الأعراف: ١٥٢] ; فَهُوَ عُمُومٌ فِيهِمْ وَفِيمَنْ أَشْبَهَهُمْ، مِنْ حَيْثُ كَانَتِ الْبِدَعُ كُلُّهُا افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ; حَسْبَمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١٤٠].

1 / 166