Ictisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Investigador
سليم بن عيد الهلالي
Editorial
دار ابن عفان
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Ubicación del editor
السعودية
مِنْهَا: أَنْ يَتْرُكَ الْعَقْلَ مَعَ الشَّرْعِ فِي التَّشْرِيعِ، وَإِنَّمَا يَأْتِي الشَّرْعُ كَاشِفًا لِمَا اقْتَضَاهُ الْعَقْلُ.
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي! هَلْ حَكَّمَ هَؤُلَاءِ فِي التَّعَبُّدِ لِلَّهِ شَرْعَهُ أَمْ عُقُولَهُمْ؟ بَلْ صَارَ الشَّرْعُ فِي نِحْلَتِهِمْ كَالتَّابِعِ الْمُعِينِ لَا حَاكِمًا مُتَّبَعًا.
وَهَذَا هُوَ التَّشْرِيعُ الَّذِي لَمْ يَبْقَ لِلشَّرْعِ مَعَهُ أَصَالَةٌ، فَكُلُّ مَا عَمِلَ هَذَا الْعَامِلُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ عَقْلُهُ، وَإِنْ شَرَكَ الشَّرْعَ، فَعَلَى حُكْمِ الشَّرِكَةِ لَا عَلَى إِفْرَادِ الشَّرْعِ، فَلَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى إِبْطَالِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيَّيْنِ، إِذْ هُوَ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْكَلَامِ مِنْ مَشْهُورِ الْبِدَعِ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْمُسْتَحْسِنَ لِلْبِدَعِ يَلْزَمُهُ عَادَةً أَنْ يَكُونَ الشَّرْعُ عِنْدَهُ لَمْ يَكْمُلْ بَعْدُ، فَلَا يَكُونُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة: ٣] ; مَعْنًى يُعْتَبَرُ بِهِ عِنْدَهُمْ، وَمُحْسِنُ الظَّنِّ مِنْهُمْ يَتَأَوَّلُهَا حَتَّى يُخْرِجَهَا عَنْ ظَاهِرِهَا.
وَذَلِكَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْفِرَقَ الَّتِي تَبْتَدِعُ الْعِبَادَاتِ أَكْثَرُهَا مِمَّنْ يُكْثِرُ الزُّهْدَ وَالِانْقِطَاعَ وَالِانْفِرَادَ عَنِ الْخَلْقِ، وَإِلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ يَجْرِي أَغْمَارُ الْعَوَامِّ، وَالَّذِي يَلْزَمُ الْجَمَاعَةَ وَإِنْ كَانَ أَتْقَى خَلْقِ اللَّهِ لَا يُعِدُّونَهُ إِلَّا مِنَ الْعَامَّةِ، وَأَمَّا الْخَاصَّةُ فَهُمْ أَهْلُ تِلْكَ الزِّيَادَاتِ.
وَلِذَلِكَ تَجِدُ كَثِيرًا مِنَ الْمُعْتَزِّينَ بِهِمْ، وَالْمَائِلِينَ إِلَى جِهَتِهِمْ، يَزْدَرُونَ بِغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يَنْتَحِلْ مِثْلَ مَا انْتَحَلُوا، وَيَعُدُّونَهُمْ مِنَ الْمَحْجُوبِينَ عَنْ
1 / 147