Confesiones de un joven de la época
اعترافات فتى العصر
Géneros
أيها الشقي، لا تحسبن هذا الصخب المتعالي من أعماق فؤادك أنينا وإعوالا، فقد لا يكون ما تسمعه إلا صرخة الطيور الجوارح تشعرها العواصف بتحطم سفينة بين ثائرات الأمواج.
من أخبرك بما كانت عليه طفولة من يموتون مخضبين بالدماء؟ أفما كان لهؤلاء أيضا أيام بر وصلاح؟ إنهم يمرون مثلك أيديهم على جباههم ليتذكروها.
لقد ارتكبت الشر ثم ندمت على ما فعلت، أفما أحرقت الندامة قلب نيرون بعد أن قتل أمه؟
من قال لك يا ترى إن الدموع تغسل الآثام؟ وهب أن الدموع تطهر، وأن قسما من روحك لن يستسلم للشر، فما حيلتك بالقسم الآخر الذي استغرق فيه؟ إنك ستتلمس بيسراك الجراح التي فتحتها يمناك، وستنسج من فضيلتك كفنا تدرج فيه جرائمك. إنك لتفعل ما فعله بريتوس عندما أرسل طعنته النجلاء، وعاد ينقش على نصله ما تشدق به أفلاطون.
وإذا ما فتح أحد لك ذراعيه فإنك لترسل إلى أعماق قلبه مثل هذا النصل، وقد نقشت آيات الندم عليه، وهكذا ستقود إلى المدافن بقايا عواطفك، وتنثر فوقها أزهار إشفاقك العقيم هاتفا بمن يشهدون ما تفعل: «ما حيلتي؟ لقد علمني الناس القتل، فلا يعزب عنكم أنني أذرف الدمع لما قضي علي؛ لأن الله قد خلقني أفضل مني الآن.»
وتذهب موردا الأحاديث عن أيام صباك، فتقنع نفسك بأن على الله أن يغفر لك، وأنك مكره غير مختار في شقائك، ثم تتحول إلى الأرق في لياليك، فتناجيه بمثل ما تناجي به نفسك كيلا يسلبك راحتك حتى الصباح.
ولكن من يدري! إنك لا تزال في مقتبل العمر، ولسوف تستسلم لقلبك فتضلك كبرياؤك. ها أنت ذا الآن أمام أول طلل من آثار الدمار التي ستبقيها حيث تمر، وإذا ماتت بريجيت غدا فإنك ترسل دموعك على نعشها لتذهب بعد ذلك سائحا في الأرض، ولعلك تتوجه إلى إيطاليا فتلتف بردائك كإنكليزي أصيب بداء الملال واليأس من الحياة، إلى أن تصبح يوما في أحد الفنادق وأنت تحتسي كأسا بعد كأس، فتقول: لقد سكت صوت ضميري، وحان زمن السلوان؛ فلأرجعن إلى الحياة.
إنك تأخرت كثيرا حتى ذرفت الدمع يا هذا؛ فكن على حذر! سيأتيك يوم تنقطع عن البكاء فيه.
من يدري، لقد يدور بك من الناس من يهزءون بالأوجاع التي تتوهم الشعور بها؟ وتمر بك امرأة قيل لها: إنك تبكي خليلة خطفها الموت، فترسل إليك بسمة الإشفاق، فتستنبت فجيعتك ما يغذي غرورك.
أفما يكون بوسعك في ليلة من الليالي عندما يصبح ما ترتعش له الآن، وما لا تجسر على التحديق فيه، صفحة مطوية في ماضي الزمان، أن تتراخى على مقعدك أمام مائدة أنس وطرب لتقص على رفاق فحشائك والابتسام على شفتيك ما رأته عيناك وهما دامعتان؟
Página desconocida