فإن قيل: معنى قوله " عَلَى صورة الرحمن " أن أسجد له ملائكته كما أسجدهم لنفسه، قيل: لا يصح هَذَا من وجوه: أحدها: أن فِي رواية ابن شاهين: " فإن الله خلق وجه آدم عَلَى صورته ".
الثاني: أن الصورة عبارة عما اختصت الذات، ولهذا قَالَ تَعَالَى: ﴿صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ والسجود له يرجع إلى المرتبة والرفعة فلا يوصف بالصورة، ولهذا يقال: رأيت الأمير فِي مرتبة حسنة، إذا رآه وقد سجد له جنده، ويقول: رأيته فِي صورة حسنة يريد بذلك معنى يرجع إلى ذاته فِي اللون والقد ونحوه.
الثالث: أن سجود الملائكة له يقتضي اختصاصه بمزية وذلك لا يوجب المشاركة فِي تسمية الصورة كما لم يوجب ذَلِكَ فِي حق عيسى مع اختصاصه بإحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص، وهمذا يدل عَلَى أن هَذِهِ تسمية شرعية لا يعقل معناها.
وقد قَالَ أَحْمَد فِي رواية المروذي: أما الأعمش فيقول عن حبيب بن أَبِي ثابت، عن عطاء، عن ابن عمر، عن النبي، ﷺ: " إن الله خلق آدم عَلَى صورة الرحمن " فنقول كما جاء الحديث
٧٩ - وقد ذكر أَبُو إسحاق بن شاقلا فِي جملة ما جرى له فِي مناظرته لأبي سُلَيْمَان الدمشقي عَلَى قول النبي، ﷺ: " خلق آدم عَلَى صورته " وأن الهاء غير راجعة عَلَى آدم، فقال أَبُو سُلَيْمَان: قد جاء فِي الحديث عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي، ﷺ.
1 / 94