فإن قيل: فالهاء ترجع عَلَى الله عَلَى وجهه وهو قوله: " عَلَى صورة الرحمن " بمعنى عَلَى صفاته، فيكون معنى الصورة معنى الصفة كما يقال عرفني صورة هَذَا الأمر أي صفته، وذلك أن الله تَعَالَى حي، عالم، قادر، سميع،
بصير متكلم مريد، خلق آدم عَلَى صفته مما هي صفات الله تَعَالَى حيا عالما قادرا سميعا بصيرا متكلما مختارا مريدا فميزه من الجهاد ومن البهائم، وميزه من الملائكة بأن قدمه عليهم وأسجدهم له.
ويبين صحة هَذَا قوله تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾ فعطف الصورة عَلَى خلق البنية.
قيل: حمله عَلَى هَذَا يسقط فائدة التخصيص بآدم لأن جميع ولد آدم بهذه الصفات لهم حياة وعلم وقدرة وسمع وبصر وكلام وإرادة وكذلك الملائكة لهم هَذِهِ الصفات.
فأما قوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾ فيحتمل أن يكون معناه خلقناكم فصورناكم، كما قَالَ تَعَالَى فِي السورة التي يذكر فيها المؤمن: ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ وَقَالَ تَعَالَى فِي السورة التي يذكر فيها التغابن: ﴿خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ يبين صحة هَذَا أن هَذِهِ الصفات ليست غير ذاته.
فإن قيل: قوله " عَلَى صورة الرحمن " معناه: عَلَى مصور الرحمن، كما يقال هَذِهِ الدار صورة فلان البناء معناه: مصوره فسمى الصورة باسم صورته.
قيل: هَذَا غلط لأنه يسقط فائدة التخصيص بآدم لأن جميع الخلق عَلَى مصور الرحمن
1 / 93