174

ثم يجيء الكلام على «الوسواس» والوسوسة، ويبدأ ببيان أن هذه هي الحركة أو الصوت الخفي الذي لا يحس فيحترز منه، والوسواس هو الإلقاء الخفي في النفس، إما بصوت خفي لا يسمعه إلا من ألقي إليه، وإما بغير صوت كما يوسوس الشيطان إلى الإنسان.

وإذا تم بيان المستعاذ به، بقي المستعاذ منه، وهو

شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس * من الجنة والناس .

فهل «الوسواس» مصدر لفعل «وسوس» أو صفة للشيطان المحذوف من الآية لوجود ما يدل عليه دلالة لا تدع لبسا؟

وابن تيمية يذكر هذين الرأيين اللذين وردا عن المفسرين؛ إذ قال البعض منهم إن «الوسواس» في الآية مصدر لا وصف، وهو «مصدر وصف به على وجه المبالغة، أو يكون على حذف مضاف تقديره: «ذو الوسواس»، والدليل عليه قول الشاعر:

تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت

كما استعان بريح عشرق زجل

3

فهذا مصدر بمعنى الوسوسة سواء.»

ولم يرض المصنف رحمه الله هذا الرأي ورد عليه، واختار أنه وصف للمستعاذ من شره وهو الشيطان، واحتج لهذا الرأي طويلا من وجوه عديدة،

Página desconocida