ثم ينتقل الى قوله تعالى: ( وهو العلى العظيم ) من نفس الايه وهى ايضا مما جاء في الصفات، اذ يذهب اهل التجسيم الى ان العلو هو علو المكان اى جهه الفوق، وهو الذى ينصره ابن تيميه ويجزم انه كلام السلف بلا خلاف!.
فيقول الطبرى: واختلف اهل البحث في معنى قوله : ( وهو العلى العظيم )!.
فقال بعضهم: يعنى بذلك: وهو العلى عن النظير والاشباه، وانكروا ان يكون معنى ذلك هو العلى المكان. وقالوا: غير جائز ان يخلو منه مكان، ولا معنى لوصفه بعلو المكان، لان ذلك وصفه بانه في مكان دون مكان.
فهذا كله من قول السلف في التاويل، في آيه واحده، هى اعظم آيات الصفات، لتعرف بعد ذلك اين موقع مقاله (شيخ الاسلام) ابن تيميه المتقدمه :
(طالعت التفاسير المنقوله عن الصحابه... فلم اجد الى ساعتى هذه عن احد من الصحابه انه تاول شيئا من آيات الصفات)!.
ثم ان الشيخ ابن تيميه يصف تفسير ابن عطيه بانه ارجح التفاسير كلها بعد تفسير الطبرى، فماذا يقول ابن عطيه؟.
اثبت ابن عطيه ما نقلناه هنا عن الطبرى من تفسير ابن عباس للكرسى، وتفسير (العلى)، ثم قال في اخبار الحشويه التى رواها الطبرى بعد هذا، وبها تمسك ابن تيميه، قال ابن عطيه ما نصه: هذه اقوال جهله مجسمين، وكان الواجب ان لا تحكى!.
وفى هذا من الموعظه ما يكفى! ومن غريب ما استدل به ابن تيميه على جهه العلو هذه شاهدان عجيبان:
الاول : قول فرعون في ما حكاه القرآن الكريم: ( وقال فرعون يا همن ابن لى صرحا لعلى ابلغ الاسباب * اسباب السموات فاطلع الى اله موسى ) فعلم فرعون ان اله موسى انما هو في السماء لا غير!.
ونسب علم فرعون هذا الى اخبار موسى اياه. ولكن اين اخبره موسى؟ القرآن لم يقل بذلك، ولا جاء به حديث، ولكن الشيخ استظهره من قول فرعون (وانى لاظنه من الكاذبين)! ولا يخلو هذا من تعسف ظاهر في نصره المذهب.
Página 67