El Hijo del Hombre: Vida de un Profeta
ابن الإنسان: حياة نبي
Géneros
ولم جاء الناس بالبشرى معرضا حياته المطمئنة للخطر؟ فأين، إذن، القلوب التي أيقظها وملأها سعادة بتعاليمه؟ فانظر إلى سمعان الذي عده صخرة يشاد عليها الإيمان فسماه بطرس؛ تجده نائما في تلك الساعة الخطرة، وانظر إلى يوحنا الذي كان يضمه إلى قلبه كالولد الصغير؛ تجده نائما أيضا، وانظر إلى يعقوب تجده نائما أيضا، فإذا كان هؤلاء لم يسمعوا رجاء معلمهم للمرة الأولى، وإذا كانوا يكلونه وحده إلى كربه وتردده، فيا خيبة الأمل! لقد نسي الغرباء - الذين سمعوه فشفاهم - رسالته منذ طويل زمن، فهم لا يزالون في مراكبهم وسفن صيدهم فاتري الأفئدة، مع ظنه أنه ألهبها، فهل البشرى التي أتى بها هي من هذه البشارات التي تستحق أن يضحي بحياته في سبيلها؟ «يا أبتاه! إن لم يمكن أن تعبر عني هذه الكأس إلا أن أشربها؛ فلتكن مشيئتك!»
هنالك ضوضاء وصليل سلاح؛ فقد كشف المخبأ، فدخل البستان جماعة تحمل مصابيح ومشاعل، وكان قائدها رئيس حرس الهيكل، فهذا القائد تعذر عليه أن يقلل في هذا العيد عدد خفراء الهيكل، فاستعان بخدمة رئيس الكهنة فسلحهم بسيوف وعصي، فذهب هؤلاء إلى بيت عنيا للبحث عن يسوع، فلم يجدوه، فقادهم يهوذا إلى حيث المدينة، فأخذ يدقق في الطريق إلى أن عثر له على أثر، وما كان ليثنيه شيء عما عزم عليه، وما كان ليبالي بغير إنقاذ إخوانه الذين يرى أنهم خدعوا مثله.
وإن أولئك لجالسون على الأرض في الظلمة فلا يستطيع القائد ومن معه أن يعرفوا يسوع، فيصعب إطلاق من يقبض عليه منهم؛ إذ عن ليهوذا رأي فقال للقائد: «الذي أقبله هو هو، أمسكوه!»
الصلب.
ويقبل يهوذا على يسوع ويقبله وهو يقول: «السلام يا سيدي!» فيرفع أولئك الخدم مصابيحهم ليتحققوا فريستهم، وينظر يسوع إلى تلميذه الخائن قائلا: «يا صاحب! لماذا جئت؟»
ويبهت الخدم الحاملون عصيا، ويترددون بعد أن سمعوا كلمة «صاحب»؛ وذلك خشية أن تكون قد نسجت خيانة هنا.
أفلا ترى يا يهوذا، تحطم حذقك كقدح كنسته نفثة النبي؟ هكذا يتكسر العقل والحساب؛ حينما تنظر عينان بشريتان بريئتان إلى ذلك الذي يخادع نفسه راغبا في مخادعة الآخرين.
ويقطع بطرس ما ساد من الصمت، ويستل سيفه من غير تفكير وروية كما هي عادته، فيقطع أذن أقرب رجل منه، فكان هذا سببا في انتقال الخدم من السكون إلى الحركة، فيقبضون على الذي حاول أن يمنع بطرس من فعلته، لا على بطرس الذي لاذ بالفرار.
يقبضون على المعلم، يقبضون على الرجل الطريد الحصور؛ حينما كانت المشاعل تنير الوجوه الغليظة، وكان ضياؤها ينعكس على الخوذ والسيوف، وحينما كان العدو مسلحا، وكانت الحكومة ضده، وينتحل الوضع الذي يلائمه تجاه القوة، ويجري في عروقه شعوره بأنه المختار، ويسترد ما خسره في اليومين الأخيرين من العزة، وفي الظلام ببستان جثسيماني هذا، وينتهي فيه عذاب الانتظار، فأما وقد حلت المحنة وأيقظته، نطق بهذا القول الجامع الملائم لرسالته: «رد سيفك إلى مكانه؛ لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون.»
ثم ينظر إلى من حوله ويخاطب جنودا أكثر من أن يخاطب أصحابا، معربا بصوت عال عن فكره السامي: «أتظنون أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيقدم إلي أكثر من اثني عشر جيشا من الملائكة؟ فكيف تكمل الكتب أنه هكذا ينبغي أن يكون؟ كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصي لتأخذوني. كل يوم كنت أجلس معكم أعلم في الهيكل ولم تمسكوني.»
Página desconocida