يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾.
فالمخاطبة للنبي، ﷺ، والمراد غيره من الشكاك؛ لأن القرآن إنما أنزل بمذاهب العرب كلها، وهم يخاطبون الرجل بالشيء ويريدون غيره؛ ولذلك يقول متمثلهم: "إياك أعني واسمعي يا جارة".
ومن ذلك قول النبي، ﷺ: "أنزل علي كتاب لا يغسله الماء". أراد به: محفوظ في صدور الرجال، يأخذه الآخر عن الأول إلى يوم القيامة. فإن محي بالماء لم يذهب كما ذهب كثير من كتب الله، ﷿، لم تحفظ وباد أهلها كصحف شيت وصحف إبراهيم، ﵇. وكل كتاب لا يحفظ، إذا محي ذهب.
ومن ذلك قول الله، ﷿: ﴿فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾.
يقال: هذا من معاريض الكلام؛ لأنه لم يكن عندهم [علم] أنه على دينهم؛ فلذلك لم يقولوا: إن الله يجزيك تصدقك.
وذكروا أن مهلهلًا، لما أراد عبداه قتله، حمّلهما بيت شعر إلى ابنتيه، وكان من المعاريض، وهو:
من مخبر الأقوام أن مهلهلًا ... لله درُّكُما ودرر أبيكما
فلما قتلاه وجاءا إلى الحي سألتاهما ابنتاه عنه، فقالا: مات، فقالت ابنته الصغرى: ما كان أبي يموت عن غير وصية، فهل أوصاكما بشيء؟ فقالا: استحملنا بيت شعر