98

يطارد آخيل هيكتور على طريق العربات، مرورا بالنبعين، اللذين يتسم واحد منهما بسخونة مياهه حتى في الشتاء عندما يتصاعد منه البخار، وواحد ببرودة مياهه التي تصل إلى التجمد حتى في الصيف. بحث مستكشفو العصر الحديث دون جدوى عن هذين النبعين، بيد أنهما دلالتان أدبيتان على البلاد وقت السلم، عندما كانت الصبايا الطرواديات يغسلن ثيابهن فيهما. أما الآن فطروادة في حرب وعلى وشك أن تفقد أفضل أبنائها. يركض البطلان ثلاث مرات حول أسوار طروادة (ولكن الأطلال في منطقة هيسارليك، التي تعتبر طروادة، واقعة على نتوء صخري بحري).

حينما مات باتروكلوس، ضربه أبولو أولا حتى تتطاير دروعه. الآن تتخذ أثينا هيئة ديفوبوس شقيق هيكتور وتستدرج هيكتور إلى قتال لا يمكنه أن يخرج منه منتصرا. يتبارز آخيل وهيكتور، ولكن عندما يختفي ديفوبوس كسحابة دخان، يدرك هيكتور أنه هالك. نحن الجمهور كنا نعرف ذلك من البداية. يضرب آخيل هيكتور برمح يمر عبر حلقه ولكنه لا يصيب الأحبال الصوتية، حتى يظل بإمكان هيكتور أن يتوسل طالبا أن يحظى بجنازة مشرفة. فيصرح له آخيل بأنه يفضل أن يلتهم لحمه. على الأقل يمكنه حينها أن يعامل جسد هيكتور معاملة مشينة. ويموت هيكتور.

ينهار بريام وهيكوبا، اللذان يراقبان من فوق الأسوار، بيد أن الزوجة الطيبة في غرفتها تغزل. تسمع صرخة وتطل من فوق الأسوار، فترى زوجها مسحوبا خلف عجلة آخيل الحربية، وشعره الطويل الداكن منسدل خلفه.

ثم غشى عينيها ظلام ليل حالك السواد وطوقها وسقطت على ظهرها وتصاعد لهاثها شاهقة وكأن روحها تكاد تفارق جسدها. وطرحت عن رأسها زينتها اللامعة؛ الإكليل والمنديل والعصابة المجدولة، والحجاب الذي كانت أفروديت الذهبية قد أعطتها إياه يوم اقتادها هيكتور ذو الخوذة اللامعة عروسا له من بيت إييتيون بعدما كان قد أحضر هدايا زواج لا تعد ولا تحصى. (الإلياذة، 22، 466-472)

يمثل حجاب أندروماك عفتها، الرابط الجنسي بينها وبين هيكتور الذي عاجلا ما سينتهك عند الاستيلاء على المدينة وتقديم النساء للاغتصاب. إن طرحها للحجاب يمثل تقديمها لنفسها للاغتصاب، مثلما يعني «هتك حجاب» مدينة ما تدميرها؛ فالكلمة اليونانية

krêdemnon

ذاتها تعني «حجاب» و«شرفة الحصن الدفاعية». ونحن نتناول كذلك «اغتصاب مدينة». تصور أندروماك المستقبل البائس الذي ينتظر طفلهما اليتيم الأب حتما، بيد أننا نعرف أنه سوف يكون أكثر سوءا. (26) «شبح باتروكلوس» (23، 1-107)، و«جنازة باتروكلوس» (23، 108-897)

لن يغتسل آخيل حتى يدفن باتروكلوس. في تلك الليلة تظهر

psychê «روح» باتروكلوس أو شبحه لآخيل في حلم، وهو تسلسل في الأحداث يقابله تسلسل مناظر في قصيدة جلجامش من الشرق الأدنى، عندما يظهر شبح إنكيدو لجلجامش ويتوسل إليه أن يدفن. الفقرة الهوميرية هي عبارة عن «شاهد كلاسيكي» على فهمنا للتصور الهوميري لما يطلق عليه

psychê ، الذي يعتبرها بالفعل النفخة التي تبارح الجسد عند الموت (فكلمة

Página desconocida