وقال ابن بركة في موضع آخر: "وقال أصحابنا ليس على المسافر والعبد والمرأة جمعة، والإجماع على ذلك، وإذا حضروها صلوها مع الإمام وسقط الفرض عنهم، قال: وفي نفسي [من] (¬1) ذلك شيء لأنهم أتوا بما لم يؤمروا به وتركوا الفرض الذي أمروا به، فأرى الفرض باقيا عليهم والله أعلم؛ قال: ولا حظ للنظر مع الاتفاق والنص" (¬2) . وتابعه على هذا النظر صاحب الإيضاح -رحمه الله تعالى- فقال مثل مقالته (¬3) ، ولكن عكر عليه المحشي (¬4) بما حاصله: "إن لقول أصحابنا في هذه المسألة نظيرا وهو المسافر؛ فإن الفرض الواجب عليه ركعتان مع أنه إذا صلى مع الإمام المقيم صحت صلاته وأدى الفرض الواجب عليه وحاصله أن الحكم هنا تغير بعذر وهو تحصيل فضيلة الجماعة مع قيام السبب للحكم الأصلي فهو رخصة، والرخص خارجة عن القياس، فلا يعترض عليها، فكأن المسافر مأمور بركعتين إلا خلف الإمام، وكذا العبد والمرأة والمريض مأمورون بأربع إلا خلف الإمام، فحينئذ لا يرد نظر المؤلف -رحمه الله- وقد قال فيما يأتي في باب القضاء: إن صلى مسافر مع مقيم ثم تبين له فساد صلاته بعد خروج الوقت فإنه يقضيها صلاة الإمام كما وجبت عليه إلى آخره، حرره" (¬5) ، انتهى.
¬__________
(¬1) - ... في كل النسخ: في ذلك، وما أثبتناه هو الموافق للجامع.
(¬2) - ... السليمي: الجامع، 01/ 572.
(¬3) - ... الشماخي: الإيضاح، 01/600-601.
(¬4) - ... المحشي هو أبو ستة محمد بن عمرو بن أبي ستة السدويكشي، من أعلام الإباضية بالمغرب الإسلامي في القرن الحادي عشر الهجري، بلده جزيرة جربة بتونس، عرف بالمحشي لكثرة حواشيه على أمهات المذهب، منها: حاشية على الإيضاح، حاشية الترتيب على الجامع الصحيح، حاشية على القواعد . انظر؛ مجموعة من الباحثين: معجم أعلام الإباضية (قسم المغرب).
(¬5) - ... الشماخي: الإيضاح، 01/600. وقول المحشي أبي ستة السدويكشي في الهامش.
Página 61